صفحة رقم ٨٥
ظهر لكم ؛ ثم علل بما يتعلق به فكرهم وتشوش قلوبهم فقال :( لتخرجوا ) أي أنتم وموسى عليه السلام ) منها أهلها ( وتسكنوها أنتم وبنو إسرائيل ولما استتب له ما من دقيق المكر، شرع في تهديدهم بما يمنع غيرهم وربما ردهم، فقال عن ذلك :( فسوف تعلمون ) أي بوعد لا خلف فيه ما أفعل بكم من عذاب لا يحتمل، ثم فسر ما أجمل من هذا الوعيد بقوله :( لأقطعن أيديكم ) أي اليمنى مثلاً ) وارجلكم ) أي اليسرى، ولذلك فسره بقوله :( من خلاف ) أي يخلاف الطرف - الذي تقطع منه اليد - الطرف الذي تقطع منه الرجل.
ولما كان مقصود هذه السورة الإنذار، فذكر فيها ما وقع لموسى عليه السلام والسحرة على وجه يهول ذكر ما كان من أمر فرعون على وجه يقرب من ذلك، فعبر بحرف التراخي لأن فيه - مع الإطناب الذييكون شاغلاً لأصحابه عما أدهشهم مما رأوه - تعظيماً لأمر الصلب.
فيكون أرهب للسحرة ولمن تزلزل بهم من قومه فقال :( ثم لأصلبنكم ) أي أعلقنكم ممدوة أيديكم لتصيروا على هيئة الصليب أو حتى يتقاطر صليبكم وهو الدهن الذي فيكم ) أجمعين ) أي لا أترك منكم أحداً لأجعلكم نكالاً لغيركم
الأعراف :( ١٢٥ - ١٢٨ ) قالوا إنا إلى.....
) قَالُواْ إِنَّآ إِلَى رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ وَمَا تَنقِمُ مِنَّآ إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَآءَتْنَا رَبَّنَآ أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ وَقَالَ الْمَلأُ مِن قَوْمِ فِرْعَونَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَآءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَآءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُواْ إِنَّ الأَرْضَ للَّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ( ( )
ولما كان حالاً يشوق النفوس إلى جوابهم، استأنفه بقوله :( قالوا ) أي أجمعون، لم يرتع منهم إنسان ولا تزلزل عما منحه الله به من رتبه الإيمان ) إنا إلى ربنا ) أي الذي ما زال يحسن إلينا بنعمة الظاهرة والباطنة حتى جعل آخر ذلك أعظم النعم، لا إلى غيره ) منقلبون ) أي بالموت انقلاباً ثابتاً لا انفكاك لنا عنه إن صلبتنا أو تركتنا، لا طمع لنا في البقاء في الدنيا، فنحن لا نبالي - بعد علمنا بأنا على حالة السعداء بالموت على أيّ حالة كاتن، أو المراد أنا ننقلب إذا قتلنا إلى من يحسن إلينا بما منه الانتقام منك، ولذلك اتبعوه بقولهم :( وما تنقم ) أي تنكر ) منا ) أي فعلك ذلك بنا وتعيب علينا ) إلا ان آمنا ) أي إلا ما هو أصل المفاخر كلها وهو الإيمان ) بآيات ربنا ) أي التي عظمت بكونها صادرة عنه ولم يزل محسناً إلينا فوجب علينا شكره ) لما ) أي حين