صفحة رقم ١٠٠
شيء من الأشياء فقال :( أنت وليِّي ) أي الأقرب إليّ باطناً وظاهراً ) في الدنيا والآخرة ) أي لا ولي لي غيرك، والولي يفعل لمولاه الأصلح والأحسن، فأحسن بي في الآخرة أعظم ما أحسنت بي في الدنيا.
ولما كان توليه لله لا يتم إلا بتولي الله له، أتبعه بما يفيده فقال :( توفني ) أي اقبض روحي وافياً تاماً في جميع أمري حساً ومعنى حال كوني ) مسلماً ( ولما كان المسلم حقيقة من كان عريقاً في الإخلاص، حققه بقوله :( وألحقني بالصالحين ( فتوفاه الله كما سأل ؛ قالوا : وتخاصم أهل مصر فيه، كلهم يرجوا أن يدفن في محلته يرجو بركته، ثم اصطلحوا على أن عملوا له صندوقاً من رخام ودفنوه في وسط النيل، ليفترق الماء على جميع الأرض فتنالها بركته وتخصب كلها على حد سواء، ويكونوا كلهم في الماء سواء.
ذكر ما بقي من القصة عن التوراة : قال بعدما مضى : فلم يقدر يوسف على الصبر - يعني على ترفق إخوته - فأمر بإخراج جميع من كان عنده، فلم يبق عنده أحد حيث ظهر يوسف لإخوتهن فرفع صوته فبكى حتى سمع المصريون فأخبروا في آل فرعون، فقال يوسف لإخوته : أنا أخوكم يوسف، هل أبي باق ؟ فلم يقدر إخوته على إجابته لأنهم رهبوه، فقال يوسف لإخوته : ادنوا مني فدنوا فقال لهم : أنا يوسف الذي بعتموني لمن ورد إلى مصر، والآن فلا تحزنوا، ولا يشقن عليكم ذلك، ولا يشتدن عليكم بيعكم إياي إلى ما هنا، لأن الله أرسلني أمامكم لأعد لكم القوت، لأن للجوع مذ أتى سنتين، وستأتي خمس سنين أخر لا يكون فيها زرع ولا حصادن فأرسلني الرب أمامكم لأصير لكم بقاء في الأرض وأخلصكم وأستنقذكم، لتحيوا وتستبشروا على الأرض، والآن فلستم أنتم الذين بعثتموني إلى هاهنا بل الله أرسلني وجعلني أباً لفرعون وسيداً لجميع أهل بيته، ومسلطاً على جميع أرض مصر، فاصعدوا الآن عجلين عليّ بأبي وقولوا له : هكذا يقول ابنك يوسف : إن الله جعلني سيداً لجميع أهل مصر، فاهبط إليّ ولا تتأخر، وانزل إلى أرض السدير - وفي نسخة : خشان - فكن قريباً مني أنت وبنوك وأهل بيتك وعمتك وبقرك وجمع مالك، فأموّنكم هناك، لأنه قد بقي خمس سنين جوعاً، لئلا تهلك أنت وأهل بيتك وكل مالك، وهذه أعينكم تبصر وعينا أخي بنيامين، إني أكلمكم مشافهة، وأخبروا أبي بجميع كرامتي ووقاري في أرض مصر، وبجميع ما رأيتم، وأسرعوا واهبطوا بأبي إلى هاهنا، فاعتنق أخاه بنيامين أيضاً وبكى، وقبل جميع إخوته وبكى، ومن بعد ذلك كلمه إخوتهن فبلغ ذلك فرعون وقيل له : إن إخوة يوسف قد أتوه، فسر ذلك فرعون،