صفحة رقم ١٠٣
لفقد سكانها، فاتباع يوسف لفرعون جميع أرض مصرن فصارت الأرض لفرعونن فنقل الشعب من قرية إلى قرية وحولهم من أقاصي الأرض نحو مصرإلى أقطارها ما خلا أرض الأجناد - وفي نسخة : أئمتهم - فإن لم يبتعها، لأنه كان يجري على الأجناد - وفي رواية : أئمتهم - وظيفة ونزلا من عند فرعون، وكانوا يأكلون برهم الموظف لهم من قبل فرعون، ولذلك لم يبيعوا أرضهم، فقال يوسف للشعب : إني قد اشتريتكم اليوم وأرضكم لفرعون، وهاأنذا معطيكم البذر لتزرعوا في الأرض، فإذا دخلت الغلة فأعطوا فرعون الخمس منها، وتكون لكم لزراعة الحقل أربعة أخماس، ولمأكل أهل بيوتاتكم وإطعام جشمكم، فقالوا له : لقد أحييتنا، فلنظفر من سيدنا برحمة ورأفة، ونكون عبيداً لفرعون، فسن يوسف هذه السنة على أرض مصر إلى يوم الناس هذا، فصار الخمس لفرعون ما خلا أرض أئمتهم - وفي رواية : الأجناد - فإنها لم تكن لفرعون.
فسكن إسرائيل أرض مصر وأرض السدير، فعظموا واعتزوا فيها واستيسروا وتماجدوا، وعاش يعقوب في أرض مصر سبع عشرة سنة، وكانت جميع أيام حياة يعقوب مائة وسبعاً أربعين سنة، ودنت أيام وفاة إسرائيل عليه السلام، فدعا يوسف ابنه عليه السلام وقال له : إن ظفرت منك برحمة ورأفة، فضع يدك تحت ظهري حتى أستحلفك بالله وأقسم عليك به، وأنعم عليّ بالنعمة والقسط، لاتدفني بمصر، بل أضطجع مع آبائي، احملني من مصر فادفني في مقبرتهم، فقال يوسف : أنا فاعل ذلك كقولك وأمرك، فقال له : أقسم لي، فأقسم له فتوكأ إسرائيل على عصاه وسجد شكراً.
فلما كان بعد هذه الأقاويل بلغ يوسف عليه السلام أن أباه قد مرضن فانطلق بابنيه معه : منشا وإفرايم، فبلغ يعقوب وقيل له : إن ابنك يوسف قد أتاك، فتقوى إسرائيل وجلس على أريكته، فقال إسرائيل ليوسف : إن إله المواعيد اعتلن لي بلوز في أرض كنعان، فباركني وقال لي : هاأنذا مباركك ومكثرك، وأجعلك أباً لجميع الشعوب، وأعطي نسلك من بعدك هذه الأرض ميراثاً إلى الأبد، وأنا إذ كنت مقبلاً من فدانة أرام توفيت عني راحيل أمك في أرض كنعان في الطريق، وكان بيني وبين الدخول إلى إفراث قدر مسيرة ميل - وفي نسخة :- فرسخ - فدفنتها هناك في طريق إفراث - وهي بيت لحم - ونظر إسرائيل إلى ابني يوسف فقال له : من هذان ؟ فقال : ابناي اللذان رزقني الله هاهنا، فقال أدنهما مني، فقبلهما واعتنقهما وقال : ما كنت أرجو النظر إلى وجهك فقد أراني الله نسلك أيضاًن وقال إسرائيل ليوسف عليهما الصلاة والسلام : هاأنذا متوف، يكون الله بنصره وعونه معكم، ويردكم إلى أرض آبائكم، وهأنذا قد فضلتك على إخوتك بسهم من الأرض التي غلبت عليها الأمورانيون بسيفي وقوسين ثم إن يعقوب


الصفحة التالية
Icon