صفحة رقم ١١١
ما يوحي إليك ) من أهل القرى ( مثل ما أنك من أهل القرى، أي الأماكن المبينة بالمدر والحجر ونحوه، لأنها متهيئة للإقامة والاجتماع وانتياب أهل الفضائل، وذلك أجدر بغزارة العقل وأصالة الرأي وحدة الذهن وتوليد المعارف من البوادي، ومكة أم القرى في ذلك لأنها مجمع لجميع الخلائق لما أمروا به من حج البيت، وكان العرب كلهم يأتونها ؛ قال الرماني : وقال الحسن : لم يبعث الله نبياً من أهل البادية ولا من الجن ولا من النساء - انتهى.
وذلك لأن المدن مواضع الحكمة، والبوادي مواطن لظهور الكلمة، ولما كانت مكة أو القرى مدينة، وهي مع ذلك في بلاد البادية، جمعت الأمرين وفازت بالأثرين، لأجل أن المرسل إليها جامع لكل ما تفرق في غيره من المرسلين، وخاتم لجميع النبيين - ( ﷺ ) وعليهم أجمعين.
ومادة ( قرى ) - يائية وواوية مهموزة وغير مهموزة بتراكيبها الخمسة عشر - تدور على الجمع، ويلزمه الإمساك، وربما كان عنه الانتشار، فالقرية - بالفتح ويكسر : المصر الجامع، وأقرى : لزم القرية، والقاري : ساكنها، والقارية : الحاضرة الجامعة، وطير أخضر، إما للزومها، وإما لجمع لونه للبصر، والقريتين - مثنى وأكثر ما يتلفظ به بالياء : مكة والطائف، وقرية النمل : مجتمع ترابها، وقريت الماء في الحوض : جمعته، والمقراة : شبه حوض، وكل ما اجتمع فيه ماء، والقريّ : ماء مستجمع، والمدة تقرى في الجرح - أي تجتمع، والقواري : الشهود - لجمعهم الأمور، والقواري : الناس الصالحون - كأنه مخفف من المهموز، وقريت الضيف قرى بالكسر والقصر، وبالفتح والمد : أضفته كاقتريته، والمقراة : الجفنة يقرى فيها الضيف، والمقاري : القدور، وقرى البعير وكل ما اجتر : جمع جرته في شدقه، وقرت الناقة : ورم شدقاها من وجع الأسنان كأنها لا تقدر مع ذلك على جمع الجرة، فيكون من السلب، وقرى البلاد : تتبعها يخرج من أرض إلى أرض كاقتراها واستقرها - لجمعه بينها، وقريّ الماء كغني : مسيلة من التلاع، أو موقعه من الربو إلى الروضة - لأنه مكان اجتماعه، وقرى الخيل : واد - كأنها اجتمعت فيه، والقرية - كغنية : العصا لأن الراعي يجمع بها ما يرعاه.
وبها يجمع كل ما يراد جمعه، وأعواد فيها فرض يجعل فيها رأس عمود البيت، لأنه بها يقام فيجمع من يراد، وعود الشراع الذي في عرضه من أعلاه، لأنه يجمع الشراع ملفوفاً ومنشوراً، وقريت الصحيفة لغة في قرأتها - إذا تلوتها فجمعت علمها وكلامها، والقارية : أسفل الرمح، لأنه يجمع زحفه، أو أعلاه، لأنه يجمع عاليته، وحد الرمح، لأنه يجمع مراد صاحبه، وكذا حد السيف، والقارية - بالتشديد : طائر أخضر إذا رأوه استبشروا بالمطر - كأنه رسول الغيث أو مقدمة السحاب، جمعه قواري، كأنه سمي بذلك لأنه


الصفحة التالية
Icon