صفحة رقم ١٤٧
القوى، وقال :( سراً وعلانية ( إشارة إلى الحث على استواء الحالتين تنبيهاً على الإخلاص، ويجوز أن يكون المراد بالسر ما ينبغي فيه الإسرار كالنوافل، وبالعلانية ما يندب إلى إظهاره كالواجب إلا أن يمنع مانع، وهذا تفصيل قوله تعالى ) ) ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون ( ) [ البقرة : ٣ ] ) ) واستعينوا بالصبر والصلاة ( ) [ البقرة : ٤٥ ] وقال :( ويدرؤون ) أي يدفعون بقوة وفطنة ) بالحسنة ) أي من القول أو الفعل ) السيئة ( إشارة إلى ترك المجازاة أو يتبعونها إياها فتمحوها، خوفاً ورجاء وحثاً على جميع الأفعال الصالحة، فهي نتيجة أعمال البر ودرجة المقربين.
ولما ختم تلك بما يدل على ما بعد الموت ترهيباً، ختم هذه بمثل ذلك ترغيباً فقال :( أولئك ) أي العالو الرتبة ) لهم عقبى الدار ( وبينها بقوله :( جنات عدن ) أي إقامة طويلة - ومنه المعدن وهي أعلن الجنان ؛ ثم استأنف بيان تمكنهم فيها فقال :( يدخلونها (.
ولما كانت الدار لا تطيب بدون الحبيب، قال عاطفاً على الضمير المرفوع إشارة إلى أن النسب الخالي غير نافع :( ومن صلح ( والصلاح : استقامة الحال على ما يدعو إليه العقل والشرع ) من آبائهم ) أي الذين كانوا سبباً في إيجادهم ) وأزواجهم وذرايتهم ) أي الذين تسببوا عنهم ؛ ثم زاد في الترغيب بقوله سبحانه وتعالى :( والملائكة يدخلون عليهم ( لأن الإكثار من ترداد رسل الملك أعظم في الفخر وأكثر في السرور والعز.
ولما كان إتيانهم من الأماكن المعتادة مع القدرة على غيرها أدل على الأدب والإكرام، قال :( من كل باب ( يقولون لهم :( سلام عليكم ( والسلام : التحية بالكرامة على انتفاء كل شائب من مضرة، وبين أن سبب هذا السلام الصبر فقال :( بما صبرتم ) أي بصبركم، والذي صبرتم له، والذي صبرتم عليه، إشارة إلى أن الصبر عماد الدين كله.
ولما تم ذلك.
تسبب عنه قوله :( فنعم عقبى الدار ( وهي المسكن في قرار، المهيأ بالأبنية التي يحتاج إليها والمرافق التي ينتفع بها ؛ والعقبى : الانتهاء الذي يؤدي إليه الابتداء من خير أو شر.
الرعد :( ٢٥ - ٢٩ ) والذين ينقضون عهد.....
) وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَآ أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُوْلَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَآءُ وَيَقَدِرُ وَفَرِحُواْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ مَتَاعٌ وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ