صفحة رقم ١٥٦
لخفاء ما فيه، ومنه اشتقاق الرامك، وهو أخلاط تخلط بالمسك فتجعل سكّاً، ورمك الرجل بالمقام - إذا أقام به، لأنه يستره بنفسه وأمتعته ويستتر هو فيه، وأرمكت غيري - إذا ألزمته مكاناً يقيم فيه، والرمكة : الأنثى من البراذين - فارسي معرب، لأنها تستر أصالة العربي إذا ولدته، ورمكان : موضع معروف - معرفة، ويقال : رمك الرجل - إذا هزل وذهب ما في يده فستر عنه أو صار هو مستوراً بعد أن كان بحسن حاله مشهوراً، ورمكت البازي والصقر ترميكاً - إذا أشرت إليه بالطير لأنك سلبت عنه الستر ؛ واليرموك : مكان به لهب عظيم، يستر ما يكون فيه ؛ والكريم : ضد اللئيم، وهو البخيل المهين النفس، والخسيس الآباء، فإذا كان شحيحاً ولم تجتمع له هذه الخصال قيل له : بخيل، ولم يُقل : لئيم، فالكريم إذن من ستر مساوىء الأخلاق بإظهار معاليها، تكرّم - إذا تنزه عن الدناءة ورفع نفسه عنها، وأصل الكرم في اللغة : الفصل والرفعة، فإذا قالوا : فلان كريم، فإنما يريدون رفيعاً فاضلاً، فيلزم الكرم ستر العيوب، والله الكريم أي الفاضل الرفيع - كذا قال بعض أهل اللغة، وقيل : الصفوح عن الذنوب، وقيل : الذي لا يمن إذا أعطى، وإذا قالوا : فلان أكرم قومه، فإنما يريدون : أرفعهم منزلة وأفضلهم قدراً، وكل هذا يلزم منه السخاء وستر الذنوب، ومن هذا قيل : فرس كريم، وشجرة كريمة - إذا كانت أرفع من نظائرها وأفضل،
٧٧ ( ) إني ألقي إليَّ كتاب كريم ( ) ٧
[ النحل : ٢٩ ] أي رفيع شريف - كأنه أطلق هنا على ما فيه مجرد فضل تشبيهاً بالكريم في جزء المعنى، وكارمت الرجل : فعل كل منا في حق صاحبه مقتضى الكرم، والكرم : شجر العنب ولا يسمى به غيره، والكروم : قلائد تتخذها النساء كالمخانق، لدلالتها على قدر صاحبتها، والكرامة : طبق يوضع على رأس الحب - لأنه غطاءه، ولا يغطي إلا ما له فضل، ومنه يقولون : لك الحب والكرامة، والكرم : القصير من الرجال - كأنه شبه بطبق الحب ؛ والكمرة - محركة : طرف قضيب الإنسان خاصة، سميت بذلك لسترها القلفة، ورجل مكمور - إذا قطع الخاتن كمرته، وتكامر الرجلان - إذا تكابرا بأيريهما، وقال في القاموس : وتكامرا : نظراً أيهما أعظم كمرة، والكمري : الرطب ما لم يرطب على شجره، بل سقط بسراً فأرطب في الأرض - كأنه سمي بذلك لأنه يكون أكدر مما يرطب على الشجر، وهو أيضاً يشبه الكمرة في تكوينها، والكمري عن ابن دريد : الرجل القصير، كأنه شبه بالرطبة، وقال غيره : وهو اسم مكان.
ولما ذكر تزيين مكرهم، أتبعه الدلالة عليه فقال :( وصدوا ) أي فلزموا ما زين لهم، أو فمكروا به حتى ضلوا في أنفسهم وصدوا غيرهم ) عن السبيل ( الذي لا يقال لغيره سبيل وهو المستقيم، فإن غيره وتيه وحيرة فهو عدم، بل العدم أحسن منه،