صفحة رقم ١٦٧
ظلمات الكفر ) وويل ( مصدر بمعنى الهلاك، ينصب نصب المصادر ثم يرفع رفعها لإفادة أن معنى الهلاك - وهو ضد الوأل الذي هو النجاة - ثابت ) للكافرين ( الذين ستروا أدلة عقولهم ) من عذاب شديد ( تتضاعف آلامه وقوته ؛ والشدة : تجمع يصعب معه التفكيك.
إبراهيم :( ٣ - ٤ ) الذين يستحبون الحياة.....
) الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً أُوْلَئِكَ فِي ضَلاَلٍ بَعِيدٍ وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِي مَن يَشَآءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ( ( )
ولما أشار إلى ما للكافرين، وصفهم بما عاقهم عن قبول الخير وتركهم في أودية الشر فقال :( الذين يستحبون ) أي يطلبون أن يحبوا أو يوجدون المحبة بغاية ارغبة متابعة للهوى ) الحياة الدنيا ( وهي النشأة الأولى التي هي دار الارتحال، مؤثرين لها ) على الآخرة ) أي النشأة الأخرى التي هي دار المقام، وذلك بأن يتابعوا أنفسهم على حبها حتى يكونوا كأنهم طالبون لذلك، وهذا دليل على أن المحبة قد تكون الإرادة ؛ والمحبة : ميل الطباع إلى الشيء بالشهوة، فهم يمتنعون خوفاً على دنياهم التي منها رئاستهم عن سلوك الصراط ) و ( يضمون إلى ذلك أنهم ) يصدون ) أي يعرضون بأنفسهم ويمنعون غيرهم ) عن سبيل الله ) أي طريق الملك الأعظم ؛ والسبيل : المذهب المهيأ للسلوك ) و ( يزيدون على ذلك أنهم ) يبغونها ) أي يطلبون لها، حذف الجار وأوصل الفعل تأكيداً له ) عوجاً ( والعوج : ميل عن الاستقامة، وهو بكسرالعين في الدين والأمر والأرض، وبالفتح في كل ما كان قائماً كالحائط والرمح ونحوهما ) أولئك ) أي البعداء البغضاء ) في ضلال بعيد ) أي عن الحق، إسناد مجازي، لأن البعيد أهل الضلال بميلهم عن الباقي إلى الفاني وبطلبهم العوج فيما قومه الله المحيط بكل شيء قدرة وعلماً.
ولما قدم ما أفهم أنه أرسله ( ﷺ ) بلسان قومه إلى الناس كافة لأن اللسان العربي أسهل الألسنة وأجمعها وأفصحها وأبينها، فكان في غاية العدالة، وختم بأن السبيل إليه في غاية الاستقامة والاعتدال، دلّ على شرف هذا اللسان لصلاحيته لجميع الأمم وخفته عليهم بخصوص لسان كل من الرسل بقومه، فلذلك أتبعه قوله :( وما أرسلنا ) أي بما لنا في العظمة، وأعرق في النفي فقال :( من رسول ) أي في زمن من الأزمان ) إلا بلسان ) أي لغة ) قومه ) أي الذين فيهم قوة المحاولة لما يريدون ) ليبين ) أي بياناً شافياً ) لهم ( كما تقدم أنا أرسلناك بكتاب عربي بلسان قومك لتبين لهم ولجميع الخلق، فإن لسانك أسهل الألسنة وأعذبها، فهو معطوف على ) أنزلناه ( بالتقديرالذي