صفحة رقم ٢٦١
يفهم المرء منهم لغة صاحبه، ثم فرقهم الرب من هنالك على وجه الأرض كلها، ولم يبنوا القرية التي هموا ببنائها، ولذلك سميت بابل لأن هنالك فرق الرب لغة أهل الأرض كلها - انتهى.
قال لي بعض علماء اليهود : إن بابل معرب بوبال، ومعنى بوبال بالعبراني الشتات - هذا ما في التواة، وأما المفسرون فإنهم ذكروا أن الصرح بني على هيئة طويلة في الطول والإحكام، وأن الله تعالى هدمه، فكانت له رجة تفرقت لعظم هولها لغة أهل الأرض إلى أنحاء كثيرة لا يحصيها إلا خالقها فالله أعلم.
النحل :( ٢٧ - ٢٨ ) ثم يوم القيامة.....
) ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُخْزِيهِمْ وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَآئِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ قَالَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالْسُّوءَ عَلَى الْكَافِرِينَ الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ فَأَلْقَوُاْ السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِن سُوءٍ بَلَى إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ( ( )
ولما بين سبحانه وتعالى حال المكرة المتمردين عليه في الدنيا، أخذ يذكر حالهم في الآخرة تقريراً للآخرة وبياناً لأن عذابهم غير مقصور على الدنيوي، فقال تعالى :( ثم يوم القيامة يخزيهم ) أي الله تعالى الذي فعل بهم في الدنيا ما تقدم، خزياً يشهده جميع الخلائق الوقوف في ذلك اليوم، فيحصل لهم من الذل - جزاء على تكبرهم - ما يجل عن الوصف، وعطفه ب ( ثم ) لاستبعادهم له ولما من الهول والعظمة التي يستصغر لها كل هول ) ويقول ) أي لهم في ذلك الجمع تبكيتاً وتوبيخاً :( أين شركاءي ( على ما كنتم تزعمون، وأضاف سبحانه إلى نفسه المقدس لأنه أقطع في توبيخهم وأدل على تناهي الغضب ) الذين كنتم ) أي كوناً لا تنفكون عنه ) تشاقون فيهم ( أوليائي، فتكونون بمخالفتهم في شق غير شقهم، فتخضعون لما لا ينبغي الخضوع له، وتتكبرون على من لا ينبغي الإعراض عنه، ما لهم لا يحضرونكم ويدفعون عنكم في هذا اليوم ؟ وقرئ بكسر النون لأن مشاققة المأمور مشاققة الآمر.
ولما كان المقام للجلال والعظمة المستلزم لزيادة الهيبة التي يلزم عنها خرس المخزي عن جوابه لو كان له جواب، وكان من أجل المقاصد في تعذيبهم العدل بتفريح الأولياء وإشماتهم بهم، جزاء لما كانوا يعلمون بهم في الدنيا، وكانت الشماتة أعلى محبوب للشامت وأعظم مرهوب للمشموت فيه، وأعظم مسلّ للمظلوم، دل على سكوتهم رغباً عن المبادرة بالجواب بتأخير الخبر عنه وتقديم الخبر عن شماتة أعدائهم فيهم في سياق الجواب عن سؤال من قال : هل علم بذلك المؤمنون ؟ فقيل :( قال الذين ( ولما كان العلم شرفاَ للعالم مطلقاً، بني للمفعول قوله :( أوتوا العلم ) أي انتفعوا به في سلوك سبيل النجتة من الأنبياء عليهم السلام ومن أطاعهم من أممهم، إشارة إلى أن الهالك يصح سلب العلم عنه وإن كان أعلم الناس، وعدل عن أن يقول :