صفحة رقم ٢٦٦
وقحاً المال : أخذه - لما يلزمه من الإحاطة، والمقحاة : المجرفة - لأنها تحيط بالمجروف.
ومن اللين : قاح الجرح يقوح : صارت فيه مدة خالصة لا يخالطها دم كقاح يقيح - واوية ويائية، ولما يلزمه من الاستدارة غالباً، وقوحّ الجرح : انتبر - إما من الموضع الغليظ المرتفع عن السيل، وإما من استدارته، وقاح البيت : كنسه كقوّحه، والقاحة : الساحة - لاستدارتها غالباً، وأقاح : صمم على المنع بعد السؤال - إما من لإزالة - أي أزال اللين - وإما من الصلابة.
ولما تم ما هو عجب من مقالهم ومآلهم، في سوء أحوالهم، وختم بتهديدهم، عطف على قوله ) وإذا قيل لهم ماذا أنزل ربكم ( موجباً آخر للتهديد، معجباً من حالهم فيه، فقال :( وقال الذين أشركوا ) أي الراسخ منهم في هذا الوصف والتابع له، على سبيل الاعتراض على من يدعوهم إلى التوحيد من نبي وغيره، محتجين بالقدر عناداً منهم، ومعترضين على من لا يسأل عما يفعل بأنه - لقدرته على كل شيء - غير محتاج إلى بعث الرسل، فإرسالهم عبث - تعالى الله الحكيم عن قولهم، فهو قول من يطلب العلة في أحكامه تعالى وفي أفعاله، وهو قول باطل، لأنه سبحانه الفعال لما يريد سواء أطلع العباد على حكمته أم لا :( لو شاء الله ) أي الملك الأعظم المحيط بكل شيء قدرة وعلماً، وعدم عبادتنا لغيره ) ما عبدنا (.
ولما كانت الرتب كلها مقتاصرة عن رتبته وكانت متفاوته، وكان ما يعبدونه من الأصنام في أدناها رتبة، أدخلوا فقالوا :( من دونه ( وأعرقوا في النفي فقالوا :( من شيء ) أي من الأشياء ) نحن ولا ءاباؤنا ( من قبلنا ولما ذكروا الأصل أتبعوه الفرع فقالوا :( ولا حرمنا ) أي على أنفسنا ) من دونه ) أي دون أمره ) ن شيء ( لأن ما يشاء لا يتخلف على زعمكم، لكنه لم يشأ العدم، فقد شاء وجود ما نحن عليه، فنحن نتبع ما شاءه لا نتغير عنه، لأنه لا يشاء إلا ما هو حق، وضل عن الأشقياء - بكلمتهم هذه ا لحق التي أرادوا بها الباطل - أن مدار السعادة والشقاوة إنما هو موافقة الأمر لا موافقة الإرادة، فما كان من الفعل والكف على وفق الأمر سعد فاعله، وما خالفه قامت به الحجة على فاعله على ما جرت به عوائد الناس فشقي.


الصفحة التالية
Icon