صفحة رقم ٢٧
والأشد : كمال القوة، وهو جمع شدة عند سيبوبه مثل نعمة وأنعم، وقال غيره : جمع شد ؛ قال ابن فارس في المجمل : وبعضهم يقول : لا واحد لها، ويقال : واحدها شد - انتهى.
قيل : وهذا هو القياس نحو ضب وأضب، وصك وأصك، وحظ وأحظ، وضر وأضر، وشر وأشر قال الرماني : قال الشاعر :
هل غير أن كثر الأشرّ وأهلكت حرب الملوك أكاثر الأموال
انتهى.
واختلفوا في حد الأشد فقيل : هو من الحلم، وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه من عشرين سنة، وروى غير ذلك، والمادة تدور على الصعوبة، وهي ضد الرخاوة، ويلزمها القوة، فالشد على العدو منها، وشد الحبل وغيره : أحكم فتله، والشديد والمتشدد : البخيل - لصعوبة البذل عليه، والشدة : صعوبة الزمان، وشد النهار : ارتفاعه، وهو قوته، وشددت فلاناً : قويت يده ودبرت أمره، وأشد القوم - إذا كانت دوابهم شداداً فهم مشدون ضد مضعفين.
ولما أخبر تعالى أن سبب النعمة عليه إحسانه، أتبعه دليله فقال :( وراودته ) أي راجعته الخطاب ودارت عليه بالحيل، فهو كناية عن المخادعة التي هي لازم معنى راد يرود - إذا جاء وذهب ) التي ( هي متمكنة منه غاية المكنة بكونه ) هو في بيتها ( وهو في عنفوان الشباب ) عن نفسه ) أي مراودة لم تكن لها سبب إلا نفسه، لأن المراودة لا يمكن أن تتجاورز نفسه إلاّ بعد مخالطتها - كما تقول : كان هذا عن أمره، وذلك بأن دارت عليه بكل حيلة ونصبت له أشراك الخداع وأقامت حيناً تفتل له في الذروة والغارب، وذلك لأن مادة ( راد ) واوية ويائية بجميع تقاليبها السبعة : رود، ودور، وورد، ( ودير ) وردي، وريد، ودري - تدور على الدوران، وهو الرجوع إلى موضع الابتداء، ويلزم منه القصد والإتيان والإقبال والإدبار والرفق والمهلة وإعمال الحيلة وحسن النظر، وربما يكون عن غير قصد فتأتي منه الحيرة فيلزم الفساد والهلاك، يقال : دار فلان يدور - إذا مشى على هيئة الخلقة، والدهر دواري - لدورانه باهله بالرفع والحط، والدوار : شبه دوران في الرأس، ودارة القمر معروفة، والدائرة : الحلقة والدار تجمع العرصة والبناء - لدوران بنائها وللدوران فيها وللذهاب منها والرجوع إليها، والداري : الملاح الذي يلي الشرع، وهو القلع - لأنه يديره على عمود المركب، أو لأنه يلزم دار السفينة ؛ والرائد : الذي يرتاد الكلأ، أي يذهب ويجيء في طلبه - لمّا لم يكن


الصفحة التالية
Icon