صفحة رقم ٢٧٦
النحل :( ٥١ - ٥٣ ) وقال الله لا.....
) وَقَالَ اللَّهُ لاَ تَتَّخِذُواْ إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلهٌ وَاحِدٌ فَإيَّايَ فَارْهَبُونِ وَلَهُ مَا فِي الْسَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ وَاصِباً أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ ( ( )
ولما كان التوحيد أعظم المأمورات، وكان العصيان فيه أعظم العصيان، وكان سبحانه قد أكثر التخويف من عصيانه، أبلغ الأمر إلى نهايته بالإخبار بأن الملائكة تخافه، وكان الملائكة من أعظم الموحدين، كما كانوا من أعظم الساجدين، من أهل السماوات والأرضين، وكانت هذه الآيات من أعظم أدلة التوحيد، أتبعها - عطفاً على ) وأنزل إليك الذكر ( ليتظافر على ذلك ألدة العقل والنقل وتسليكاً بأحوال الملائكة - قوله تعالى :( وقال الله ( فعبر لأجل تعظيم المقام بالاسم الأعظم الخاص الذي بنيت عليه السورة :( لا تتخذوا ) أي لا تكلفوا فطركم الأولى السليمة المجبولة على معرفة أن الأله واحد إلى أن تأخذ في اعتقادها ) إلهين ( ويجوز أن يكون معطوفاً على ما علم من المقدمات المذكورة أول السورة إلى قوله :( وما يشعرون أيان يبعثون ( من النتيجة وهي ) إلهكم إله واحد ( لاحتمال أن يقول متعنت : إنه لم يأمرنا بذلك وإن دلت عليه الأدلة، ويجوز وهو أقرب - أن يعطف على قوله :( وقال الذين أشركوا ( تبكيتاً لهم بأنهم احتجوا بحكمه، ولم يبادروا إلى امتثال أمره.
ولم كان قد فهم المراد من التثنية، وكان ربما قال المتعنت : إن المنهي عنه تكثير الأسماء، قال مؤكداً ومحققاً :( اثنين ( تنبيهاً على أن الألوهية لأنه موضع لإمكان التنازع الملزوم للعجز المنافي لتلك الرتبة مطلق العدد ينافي المنيفة الشماء، وفي ذلك أيضاً - مع كون معبوداتهم كانت كثيرة - إشارة إلى أن ما يسمى آلهة - وإن زاد عدده - يرجع بالحقيقة إلى اثنين : خالق ومخلوق، ومن المعلوم لكل ذي لب أن المخلوق غير صالح للألوهية، فانحصر الأمر في الخالق، وإن لم يكن فيه الخالق كان منقسماً لا محالة، وأقل ما ينقسم إلى اثنين : وباب الاتخاذ إذا كان مفعوله نكره، اكتفى بواحد كما تقول : اتخذت بيتاً، واتخذت زوجة - ونحو ذلك، ثم علل ذلك النهي بما اقتضاه السياق من الوحدانية فقال تعالى :( إنما هو ) أي الإله المفهوم من لفظ ) إلهين ( الذي لا يستحق غيره أن يطلق عليه هذا الضمير إلا مجازاً، لأنه لا يطلق إطلاقاً حقيقياً إلا على ما وجدوه من ذاته ) إله ) أي يستحق هذا الوصف على الإطلاق.
ولما كان السياق مفهماً للوحدانية من النهي عن التثنية، وكان ربما تعنت متعنت بأن المراد إثبات الإله الدال على الجنس، قال رافعاً لكل شبهة :( واحد ) أي لا يمكن


الصفحة التالية
Icon