صفحة رقم ٣٠٠
تقدير من التقادير ) للذين كفروا ) أي بعد شهادة الشهداء في الاعتذار كما يؤذن في هذه الدار للمشهود عليه عند سؤال في الإعذار، لأنه لا عذر هناك في الحقيقة ) ولا هم ) أي خاصة ) يستعتبون ) أي ولا يطلب منهم الإعتاب المؤثر للرضى وهو إزالة العتب وهو الموجدة المعبر بها عن الغضب المعبر به عن آثاره من السطوة والانتقام، وأخذ العذاب لأهل الإجرام من قبيح ما ارتكبوا، لأن تلك الدار ليست بدار تكليف ؛ ثم وصل به أن ما يوجبه الغضب يدوم عليهم في ذلك اليوم، فقال تعالى عاطفاً على ما بعد ( ثم ) :( وإذا رءا ( وأظهر موضع الإضمار تعميماً فقال تعالى :( الذين ظلموا ( فعبر بالوصف الموجب للعذاب ) العذاب ( بعد الموقف وشهادة الشهداء، وجزاء الشرط محذوف لدلالة ما قرن بالفاعلية تقديره : لابسهم ) فلا يخفف ) أي يحصل تخفيف بنوع من الأنواع ولا بأحد من الخلق ) عنهم ( شيء منه ) ولا هم ينظرون ( بالتأخير ولا لحظة بوجه من الوجوه على تقدير من التقادير من أحد ما.
ولما بين سبحانه حاصل امرهم في البعث وما بعده، وما من أهم المهم أمرهم في الموقف مع شركائهم الذين كانوا يترجمهم، عطف على ذلك قوله تعالى :( وإذا رءا ) أي بالعين يوم القيامة ) الذين أشركوا ( فأظهر أيضاً الوصف المناسب للمقام ) شركاءهم ) أي الآلهة التي كانوا يدعونها شركاء ) قالوا ربنا ( يا من أحسن إلينا وربانا ) هؤلاء شركاؤنا ( أضافوهم إلى أنفسهم لأنه لا حقيقة لشركتهم سوى تسميتهم لها الموجب لضرهم ؛ ثم بينوا المراد بقولهم :( الذين كنا ندعوا ) أي نعبد.
ولما كانت المراتب متكثرة دون رتبته سبحانه لأن علوه غيرمنحصر، أدخل الجار فقال تعالى :( من دونك ( ليقربونا إليك، فأكرمنا لأجلهم جرياً على منهاجهم في الدنيا في الجهل والغباوة، فخاف الشركاء من عواقب هذا القول والإقرار عليه سطوات الغضب ) فألقوا ) أي الشركاء ) إليهم ) أي المشركين ) القول ) أي بادروا به حتى كان إسراعه إليهم شيء ثقيل يلقى من علو ؛ وأكدوا قولهم لأنه مطاعنة لقول المشركين فقالوا :( إنكم لكاذبون ( في جعلنا شركاء وأنا نستحق العبادة أو نشفع أو يكون لنا أمر نستحق به أن نذكر ) وألقوا ) أي الشركاء ) إلى الله ) أي الملك الأعلى ) يومئذ ) أي يوم القيامة إذ نبعث من كل أمة شهيداً ) السلم ) أي الانقياد والاستسلام بما علم به الكفار أنهم من جملة العبيد لا أمر لهم أصلاً، فأصلد زندهم، وخاب قصدهم، وقيد بذلك اليوم لأنهم كانوا في الدنيا - بتزيين الشياطين لأمورهم ونطقهم على ألسنتهم - بحيث يظن عابدوهم أن لهم منعة، ويهم قوة ويجوز أن يكون ضمير ( ألقوا ) للمشركين ) وضل عنهم ) أي عن الكفار ) ما كانوا ) أي بجبلاتهم ) يفترون ) أي يتعمدون من