صفحة رقم ٣٤١
فقلت : أطلب إليك يا رب وإلهي أن تعفني، لأني لست أعلم أن أنطق لأني حدث، فقال لي الرب : لا تقل : إني حدث.
لأنك تتوجه إلى كل ما أرسلك فيه وتجمع ما آمرك به من القول، فأدّه ولا تخف لأني معك أنقذك من كل آفة، وإن الرب مد يده وقربها إلى فيّ وقال لي الرب : قد صيرت أقوالي في فيك، فاعلم أني قد سلطتك اليوم على جميع مملكات الأمم لتهدم وتنقض وتهلك وتستأصل وتبكت وتتنبأ وتقدسني، ثم أوحى إليّ الرب وقال : ما الذي رأيت يا إرميا ؟ فقلت : رأيت عصناً من شجر اللوز، فقال لي الرب : ما أحسن مارأيت لأن معجل فصل أقوالي ؛ ثم أوحى إليّ الرب ثانية : ما الذي رأيت ؟ فقلت منجلاً منصوباً ووجهه إلى ناحية الجربياء - أي الشمال - فقال لي الرب : من ناحية الجربياء ينفتح الشر وينزل في جميع الأرض التي ليهوذا، ها أنا مرسلك أن تدعو جميع عشائر مملكات الجربياء، يقول الرب.
فيأتون ويلقي كل رجل منهم كرسيه في مدخل أبواب أوشليم، ويحوطون بسورها كما يدور، وبجميع قرى يهوذا، وأنتقم منهم بأحكام وقضائي من أجل جميع سرورهم وبسوء أعمالهم، لأنهم اجتنبوني وبخروا لآلهة غريبة بالبخور، وسجدوا لصنعة أيديهم فأمت أنت فشد على ظهرك، وقم فقل عليهم جميع الأقوال التي آمرك بها ولا تخفهم ولا تحابهم لئلا أكسرك بين أيديهم وأذلك، وقد جعلتك اليوم كالقرية العزيزة الممتنعة، ومثل قضيب من حديد، وصيرتك مثل سور من نحاس على الأرض كلها، وعلى جميع ملوك يهوذا وعلى عظمائهم وعلى أحبارهم وآبائهم، وعلى جميع شعب الأرض، فإن جاهدوك لم يقهروك لأني معك وأنا منقذك منهم.
ولم يزل يقوم فيهم بمثل هذا من كلام في غاية البلاغة والرقة بحيث يفتت الأكباد، ويصدع القلوب، ويفيض العيون، نحو أربع كراريس، لولا خوف الملالة وكراهة الإطالة لأتيت بكثير منه، وكان المتنبئون الكذبة يقومون فيهم بخلاف ذلك مما يؤمنهم إلى أن ضربوا إرميا ليترك عنهم مثل ذلك، فلم يكن يستطيع تركه وقال لشخص من المتنبئين اسمه حنينا : إن الرب لم يرسلك، أنت وكلت هذا الشعب على الزور، ومن أجل هذا يقول الرب : هو ذا أطرحك عن وجه الأرض، وفي هذه السنة تموت، لأنك تكلمت بالإثم قدام الرب، فمات حنينا النبي الكذاب في تلك السنة في الشهر السابع.
ثم زاد تحذير إرميا لهم إلى أن حبسوه، ثم إن الله تعالى أمره أن يكتب لهم ما يوحيه إليه في صحيفة ويرسلها إليهم، فدعا باروخ بن ناريا الكاتب وأمره بكتابة ما أنطقه به الرب وقال له ها أنا محبوس ولست أستطع أن أدخل بيت الرب، فخذ هذه الصحيفة وادخل أنت إلى بيت الرب في يوم الصوم واقرأها عليهم، فإنها كلام الرب، لعلهم


الصفحة التالية
Icon