صفحة رقم ٣٥٦
إسحاق عليه السلام لما أخذ أبيمالخ ملك فلسطين امرأته، وقد علمتم أن موسى عليه السلام لم يستظهر على فرعون وعساكر المصريين حتى هلكوا وتخلصت أمة بني إسرائيل منهم بحرب ولاعدة، بل بالدعاء وكفاية الله له، ولما حارب عماليق بني إسرائيل هل غلبوه إلا بدعاء موسى عليه السلام وصلاته ؟ ويوشع بن نون عليه السلام لماعبر الأردن مع بني إسرائيل قد كان في جميع كبير وقة فهل فتح يريحا بالحرب أو بالآية العجيبة في سقوط الحصن ؟ ولما أخطأ عاخان بما أخذه من يريحا من الغنيمة التي نهى الله عنها بني إسرائيل ألم يسخط اللهعلى الأمة بسببه حتى غلبهم أهل مدينة عاي وهم قليل، فلم يقدر بنو إسرائيل مع كثرتهم على مقاومتهم إلى أن صلى يوشع بن نون عليه السلام ودعا إلى الله عز وجل فاستجاب الله دعاءه ونصر بني إسرائيل على عاي وجدعون لما غلب عسكر مدين وعماليق مع كثرتهم هل غلبهم إلا بمعونة الله لهم ؟ واذكروا كيف انهزم عسكر الأرمن العظيم عن سبسطية بصلاة اليشع النبي عليه السلام ودعائه، وقد كان أهل المدينة أشرفوا على الهلاك من الجوع، فأوقع الله الخوف في قلوب الأرمن فانهزموا بغير حرب ولا قتال، وخرج أهل المدينة فغنموا عسكرهم وزال عنهم الجوع، واذكروا ما فعل الله مع نساء الملك ويوشافاط لما ظفرهما بأعدائهما بالدعاء والصلاة، وقد علمتم أن شمشون قبل أن يخطئ كان جباراً مظفراً، فلما أخطأ أسره أعداؤه فصار ذليلاً في أيديهم مثل أقل الناس وأضعفهم وطحنوه بالرحى مثل الإماء، وكذلك شاوول - وفي نسخة : طالوت - الملك لما كان طائعاً لله تعالى كان الله ينصره، فلما عصاه أسلمه الله إلى أعدائه فظفروا به، ولم ينتفع بعساكره وعدده، وأمصيا لما حارب ادوم غلبهم وظفر بهم، فلما أخذ اصنامهم ونصبها في بيت المقدس سخط الله عليه، فلما حارب يواش ملك بني إسرائيل بعد ذلك انهزم أقبح هزيمة لخذلان الله له وتركه معونته، واذكروا هلاك عسكر سنحاريب ملك الموصل العسكر العظيم بغير حرب ولا قتال بل بصلاة حزقيا الملك والأنبياء عليهم السلام ودعائهم، واعتبروا بصدقيا الملك لما عصى الكسدانيين وظن أنهم يغلبهم بعساكره وبعدته وخالف الأنبياء عليهم السلام في مسالمتهم، هل انتفع بذلك ؟ وهل كانت عاقبته وعاقبة الأمة إلا إلى الهلاك ؟ فهذا وغيره مما لم أذكره لكم يدلكم على عناية الله بالأخيار، وخذلانه للعصاة الأشرار.
وساق لهم من مثل هذا كلاماً كثيراً بلغياًن ثم رغبهم في طاعة اسفاسيانوس بالخصوص بما اشتهر من حسن سيرته، وقال : ولو لم تعلموا ذلك إلا بما عاملني به من الجميل، وقد كنت أستوجب منه غير ذلك لكفاكم، لأني كنت أول من اجتهد في محاربته، وقتلت خلفاً كثيراً من أصحابه، ولقد كنت أعلم أني خالفت الصواب، ولكني


الصفحة التالية
Icon