صفحة رقم ٣٨١
وعلى آله وسلم :( إن الله تجاوز لأمتي عما حدثت به أنفسهم ما لم تعمل به أو تكلم ).
الإسراء :( ٣٧ - ٤٠ ) ولا تمش في.....
) وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً كُلُّ ذلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً ذَلِكَ مِمَّآ أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ وَلاَ تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُوماً مَّدْحُوراً أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُم بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلائِكَةِ إِنَاثاً إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلاً عَظِيماً ( ( )
ولما كان الكبر والأنفة أعظم موقف عن العلم الداعي إلى كل خير، ومرض بمرض الجهل الحامل على كل شر، قال تعالى :( ولا تمش ) أي مشياً ما، وحقق المعنى بقوله تعالى :( في الأرض ) أي جنسها ) مرحاً ( وهو شدة الفرح التي يلزمها الخيلاء، لأن ذلك من رعونات النفس بطيش الهوى وداعي الشهوة وما طبعت عليه من النقائص، فإنه لا يحسن إلا بعد بلوغ جميع الآمال التي تؤخذ بالجد ولن يكون ذلك لمخلوق، ولذلك علله بقوله تعالى :( إنك لن تخرق ) أي ولو بأدنى الوجوه ) الأرض ) أي تقطعها سيراً من مكانك إلى طرفها ) ولن تبلغ ) أي بوجه من الوجوه ) الجبال طولاً ) أي طول الجبال كلها بالسير فيها، فإذا كنت تعجز في قدرتك أوتادها فبماذا تفخر ؟ وبأيّ شيء تتكبر حتى تتبخر ؟ وذلك من فعل من بلغ جميع ما أمل ؛ ثم عظم جميع ما مضى من المنهيات وأضداد المأمورات بقوله تعالى :( كل ذلك ) أي الأمر البعيد من المكارم ) كان ) أي كوناً غير مزايل.
ولما كانت السيئة قد صارت في حكم الأسماء كالإثم والذنب وزال عنها حكم الصفات، حملها على المذكر ووصفها به فقال تعالى :( سيئة ( وزاد بشاعته بقوله تعالى :( عند ربك ) أي المحسن إليك إحساناً لا ينبغي أن يقابل عليه إلا بالشكر ) مكروهاً ) أي يعامله معاملة المكروه من النهي عنه والذم لفاعله والعقاب، والعاقل لا يفعل ما يكرهه المحسن إليه حياء منه، فإن لم يكن فخوفاً من قطع إحسانه، وخضوعاً لعز سلطانه، ويجوز أن يكون المراد بهذا الإفراد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إشارة إلى أنه لا يقدر أحد غيره على امتثال هذا المعنى على ما ينبغي، لأنه لا


الصفحة التالية
Icon