صفحة رقم ٣٩٧
) الوسيلة ) أي المنزلة والدرجة والقربة بالأعمال الصالحة ) أيهم أقرب ) أي يتسابقون بالأعمال مسابقة من يطلب كل منهم أن يكون إليه أقرب ولديه أفضل ) ويرجون رحمته ( رغبة فيما عنده ) ويخافون عذابه ( تعظيماً لجنابه، المكلف منهم كالملائكة والمسيح وعزيز بالفعل، وغيرهم كالأصنام بالقوة من حيث إنه يعبدوه ويبتغوا إليه الوسيلة ؛ وروى البخاري في التفسير عن عبد الله رضي الله عنه ) إلى ربهم الوسيلة ( قال : كان ناس من الإنس يعبدون ناساً من الجن فأسلم الجن وتمسك هؤلاء بدينهم.
ثم علل خوفهم بأمر عام فقال تعالى :( إن عذاب ربك ) أي المحسن إليك برفع انتقام الاستئصال منه عن أمتك ) كان ) أي كوناً ملازماً له ) محذوراً ) أي جديراً بأن يحذر لكل أحد من ملك مقرب ونبي مرسل فضلاً عن غيرهم، لما شوهد من إهلاكه للقرون ومن صنائعه العظيمة.
ولما كان المعنى : فاحذرونا فإنا أبدنا الأمم السالفة ودمرنا القرى المشيدة، عطف عليه قوله تعالى :( وإن ) أي وما ؛ وأعرق في النفي فقال تعالى :( من قرية ( من القرى هذه التي أنتم بها وغيرها ) إلا نحن ) أي بما لنا من العظمة ) مهلكوها ( بنوع من والطالحة بالعذاب.
ولما كان الممكن ليس له من ذاته إلا العدم، وذلك مستغرق لزمان القبل، حذف الجار فقال تعالى :( قبل يوم القيامة ( الذي أنتم به مكذبون، كما فعلنا في بيت المقدس في المرتين المذكورتين أول السورة لإفساد أهلها فاحذروا مثل ذلك ) أو معذبوها ) أي القرية بعذاب أهلها ) عذاباً شديداَ ( مع بقائها.
ولما أكد ذلك بالاسمية، زاده تأكيداً في جواب من كأنه قال : هل في ذلك من ثنيا لأن مثله لا يكاد يصدق ؟ فقال تعالى :( كان ذلك ) أي الأمر العظيم ) في الكتاب ( الذي عندنا ) مسطوراً ( على وجه الخبر، والأخبار لا تنسخ، فلو لم يكن حشر كان أمرنا جديراً بأن يمثل حذراً من سطواتنا، ولا بد من أن تفهم من أن نخفيكم بعد طول أمنكم ونهلك كثيراً من أعزائكم على يد هذا الرجل الواحد الذي أنتم كلكم متمائلون عليه مستهينون بأمره، مع أنا ارسلناه لعزكم وعلو ذكركم، ولا بد أن ندخله إلى بلدكم هذا بجنود أولي