صفحة رقم ٤٠٣
وهم أولياؤك الذين حفظتهم مني، فكأنه قيل : لقد أطال في الاجتراء فما قال له ربه بعد الثالثة ؟ فقيل :( قال ( مهدداً له :( اذهب ) أي امض لثباتك الذي ذكرته بإرادتي لا بأمري، فإنك لن تعدوا أمرنا فيك وقد حكمنا بشقاوتك وشقاوة من أردنا طاعته لك، ولذلك سبب عنه قوله تعالى :( فمن تبعك ) أي أدنى اتباع ) منهم ) أي أولاد آدم عليه السلام، ويجوز أن يراد بتجريد الفعل أن من تبعه بغير معالجة من فطرته الأولى لا يكون إلا عريقاً في الشر.
ولما كان التقدير : أذقته من خزيك، عبر عنه بقوله تعالى :( فإن جهنم ) أي الطبقة النارية التي تتجهم داخلها ) جزاؤكم ) أي جزاءك وجزاءهم، تجزون ذلك ) جزاء موفوراً ( مكملاً وافياً بما تستحقون على أعمالكم الخبيثة.
ومادة ( وفر ) بجميع تراكيبها - وهي خمسة عشر، في الواوي ستة : وفر، ورف، فور، فرو، رفو، روف، وفي اليائي ثلاثة : فري، رفي، ريف، وفي المهموز ستة : رفأ، رأف، فرأ، فأر، أفر، أرف - تدور على السعة، والمجاوزة للحد، والعلو على المقدار، والفضل عن الكفاية ؛ فالوفر : المكان الكبير، وسقاء وفر : لم ينقص من أديمه شيء، وإداوة وفراء، والوفرة : ما بلغ الأذنين من الشعر، والوافر : ضرب من العروض وزنه مفاعلتن ست مرات، والوفر : الغنى، ومن المال : الكثير الواسع، والعام من كل شيء، ووفره توفيراً : أكثره، ووفر له عرضه : لم يشتمهن ووفر عطاءه : رده عليه وهو راضٍ، ووفره توفيراً : أكمله وجعله وافراً - لأن الكمال لا يكاد يتحقق إلا مع زيادة، والثوبك قطعة وافراً، والوافرة : ألية الكبش إذا عظمت، والدنيان والحياة، وكل شحمة مستطلية، وهم متوافرون : فيهم كثرة، واستوفر عليه حقه : استوفاه.
وورف النبت يرف إذا رأيت له بهجة من ريه، ولا يكون ذلك إلا من نضارته واتساعه وكونه ملء العين، وورف الظل يرف ورفاً ووريفاً ووروفاً : اتسع وطال وامتد كأورف وورّف والورف : ما رق من نواحي الكبد - لزيادته واسترخائه، والرفة - كعدة : الناضر من النبتن وورفته توريفاً : مصصته، والأرض : قسمتها - كأنه من الإزالة.
وفارت القدر - إذا غلت حتة يعلو ما فيها فتفيض، وكل حارّ يفور فوراً، وفار العرق - إذا انتفخ، زاد في القاموس : وضرب، والمسكُ، انتشر، وفارة الإبل : فوح جلودها إذا نديت بعد الورد، والفائر : المنتشر العصب من الدواب وغيرها، وأتوا من فورهم : من وجههم أو قبل أن يسكنوا - لأن حركتهم توسع وانتشار فسميت فوراً والفار : عضل الإنسان - لأنه أثخن مما دونه، والفور - بالضم : الظباء، جمع فائر - لأنه من أسرع الحيوان نفاراً، وأشدها وثباً، وأوسعها عدواً، وقال القزاز : والفارة والفورة :


الصفحة التالية
Icon