صفحة رقم ٤١٤
أنهم أخافوه بعد ذلك حتى كادوا أن يخرجوه من وطنه قبل الإذن الخاص بالهجرة فقال تعالى :( وإن ) أي وإنهم ) كادوا ) أي الأعداء ) ليستنفرونك ) أي يستخفونك بكثرة الأذى الذي من شأنه ذلك فيما جرت به العوائد ) من الأرض ) أي المكية التي هي الأرض كلها لأنها أمها ) ليخرجوك منها ( مع أن وجودك عندهم رحمة لهم، فلا أعمى منهم وأصل الفو القطع بشدة - قاله الرماني ) وإذاً ) أي وإذا أخرجوك ) لا يلبثون خلافك ) أي بعد إخراجك لو أخرجوك ) إلا قليلاً ( وسيعلمون إذا أذنا لك في النزوح كيف نصبّ عليهم العذاب بعد خروجك بقليل، برمحك الطويل، وسيفك الصقيل، وسيوف أتباعك المؤمنين، لثبوت هذا الدين، وقد حقق الله سبحانه هذا الوعيد بقتل صناديدهم في غزوة بدر في رمضان من السنة الثانية من الهجرة بعد ثمانية عشر شهراً من مهاجرته صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وحرم على المشركين الذين أخرجوه صلى الله عليه وعلى آله وسلم من مكة المشرفة الدخول إليها والإقامة في حريمها من جزيرة العرب، إكراماً له صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وانتقاماً ممن يعتقد فيها الإلغاء، لأنها متوسطة في الكلام كما أنه لا بد من أن تلغي في آخر الكلام، وفي الآية بيان لأن الجاهل لا يزال ينصب للعالم الحبائل، ويطلب له الغوائلن فيعود ذلك عليه بالوبال، في الحال والمآل.
الإسراء :( ٧٧ - ٨٠ ) سنة من قد.....
) سُنَّةَ مَن قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِن رُّسُلِنَا وَلاَ تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلاً أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ الْلَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً وَمِنَ الْلَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَّحْمُوداً وَقُل رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَل لِّي مِن لَّدُنْكَ سُلْطَاناً نَّصِيراً ( ( )
ولما أخبره بذلك، أعلمه أنه سنته في جميع الرسل فقال تعالى :( سنتة ) أي كسنة أو سنتنا بك سنة ) من قد أرسلنا ) أي بما لنا من العظمة.
ولما كان الإرسال قد عمت بركته بهذه العظمة جميع الأزمان بما حفه به من قويم الفطرة، أسقط الجار فقال تعالى :( قبلك ) أي في الأزمان الماضية كلها ) من رسلنا ( بأن جعلنا وجودهم بين ظهراني قومهم رحمة لقومهم، فإذا أخرجوهم عاجلنا من رضي بإخراجهم بالعقوبة ) ولا تجد لسنتنا ) أي لما لها من العظمة ) تحويلاً ) أي بمحول غيرنا يحولها، لكنهم خصوا عن الأمم السالفة بأنهم لا يعذبون عذاب الاستئصال تشريفاً لهم بهذا النبي الكريم.


الصفحة التالية
Icon