صفحة رقم ٤٥٣
يدخل الدلو في البئر فيملأها لقلة الماء - لأنها مواضع قطع الماء برفعه عن البئر والمقارض أيضاَ : الجرار الكبار - كأنها لكبرها وقطعها كثيراً من الماء هي التي قطعت دون الصغار، وما عليع قراض، أي ما يقرض عنه العيون فيستره لتعدل عنه العيون - لعدم نفوذها إلى جلده، والقرض في السير هو أن تعدل عن الشيء في مسيرك، فإذا عدلت عنه فقد قرضته، والمصدر القرض وأصله من القطع، وابن مقرض - كمنبر : ويبة تقتل الحمام - كأنها سميت لقطعها حياة الحمام، وقرض البعير جرته : مضغها فهي قريض - لتقطيعها بالمضع ولقطعها من بطنه بردها إلى حنكه للمضغ.
ولما بين تعالى أنه حفظهم من حر الشمس، بين أنه أنعشهم بروح الهواء، وألطفهم بسعة الموضع في فضاء الغار فقال :( وهم في فجوة منه ) أي في وسط الكهف ومتسعه.
ولما شرح هذا الأمر الغريب، والنبأ العجيب، وصل به نتيجة فقال تعالى :( ذلك ) أي المذكور العظيم من هدايتهم، وما دبروا لأنفسهم، وما دبر لهم من هذا الغار المستقبل للنسيم الطيب المصون عن كل مؤذ، وما حقق به رجاءهم مما لا يقدر عليه سواه ) من ءايات الله ) أي الملك الأعلى المحيط بكل شيء علماً وقدرة، وإن كان إذا قيس إلى هذا القرآن القيم وغيره مما خطت به هذه الأمة كان يسيراً.
ولما كان انفرادهم بالهدى عن أهل ذلك القرن كلهم عجباً، وصل به ما إذا تؤمل زال عجبه فقال تعالى :( من يهد ( ولو أيسر هداية - بما دل عليه حذف الياء في الرسم ) الله ) أي الذي له الأمر كله بخلق الهداية في قلبه للنظر في آياته التي لا تعد والانتفاع بها ) فهو ( خاصة ) المهتد ( في أي زمان كان، فلن تجد له مضلاً مغوياً ) ومن يضلل ( إضلالاً ظاهرياً بما دل عليه الإظهار بإعمائه عن طريق الهدى، فهو لا غيره الضال ) فلن تجد له ( أصلاً من دونه، لأجل أن الله الذي له الأمر كله ولا لأمر أحد معه أضله ) ولياً مرشداً ( فتجده يرى الآيات بعينه، ويسمعها بأذنه، ويحسها بجميع حواسه، ولا يعلم أنها آيات فضلاً عن أن يتدبرها وينتفع بها، فالآية من الاحتباك : ذكر الاهتداء أولاً دليلاً على حذف الضلال ثايناً، والمرشد ثانياً دليلاً على حذف المضل أولاً.
الكهف :( ١٨ - ١٩ ) وتحسبهم أيقاظا وهم.....
) وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظاً وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ اليَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوْلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَاراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً وَكَذلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَآءَلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ كَم لَبِثْتُمْ قَالُواْ لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُواْ رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُواْ أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَآ أَزْكَى طَعَاماً فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِّنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلاَ يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً ( ( )