صفحة رقم ٤٦٠
) سبعة وثامنهم كلبهم ( وتأخير هذا عن الرجم - وإن كان ظناً - مشعر بأنه حق، ويؤيده هذه الواو التي تدخل على الجملة الواقعة صفة للنكرة كما تدخل الواو حالاً عن المعرفة في نحو
٧٧ ( ) إلا ولها كتاب معلوم ( ) ٧
[ الحجر : ٤ ] فإن فائدتها توكيد لصوق الصفة بالموصوف، والدلالة على اتصاف الموصوف بالصفة أمر ثابت مستقر، فدلت هذه الواو على أن أهل هذا القول قالوه عن ثبات علم وطمأنينة نفس، ولم يرجموا بالظن، وفي براءة، كلام نفيس عن اتباع الوصف تارة بواو وتارة مجرداً عنها.
فلما ظهر كالشمس أنه لا علم لهم بذلك كان كأنه قيل : ماذا يقال لهم ؟ فقيل :( قل ربي ) أي المحسن إليّ بإعلامي بأمرهم وغيره ) أعلم بعدتهم ) أي التي لا زيادة فيها ولا نقص، فكان كأنه قيل : قد فهم من صيغة ( أعلم ) أم من الخلق من يعلم أمرهم فقيل :( ما يعلمهم إلا قليل ) أي من الخلق وهو مؤيد لأنهم أصحاب القول الغالب، وهو، قول ابن عباس رضي الله عنهمان وكان يقول : أنا من ذلك القليل.
) فلا ) أي فتسبب عن ذلك أن يقول لك على سبيل البت الداخل تحت النهي عن قفو ما ليس لك به علم : لا ) تمار ) أي تجادل وتراجع ) فيهم ( أحداً ممن يتكلم بغير ما أخبرتك به ) إلا مرآء ظاهراً ( أدلته، وهو ما أوحيت إليك به ولا تفعل فلعلهم من الرجمب بالغيب ) ولا تستفت ) أي تسأل سؤال مستفيد ) فيهم ) أي أهل الكهف ) منهم ) أي من الذين يدعون العلم من بني إسرائيل أو غيرهم ) أحداً (.
ولما كان نهيه عن استفتائهم موجباً لقصر همته على ربه سبحانه فكان من المعلوم أنه إذا سئل عن شيء، التفتت نفسه إلى تعرفه من قبله، فربما قال لما يعلم من إحاطة علم الله سبحانه وكرمه لديه : سأخبركم به غداً، كما وقع من هذه القصص، علمه الله ما يقول في كل أمر مستقبل يعزم عليه بقوله تعالى :( ولا تقولون لشيءٍ ) أي لأجل شيء من الأشياء التي يعزم عليها جليها وحقيرها، عزمت على فعله : عزماً صادقاً من غير تردد وإن كنت عند نفسك في غاية القدرة عليه :( إني فاعل لشيءٍ ) أي الشيء وإن كان مهماً ) غداً ) أي فيما يستقبل في حال من الأحوال ) إلا ( قولاً كائناً معه ) أن يشاء ( في المستقبل ذلك الشيء ) الله ) أي مقروناً بمشيئة الملك الأعلى الذي لا أمر لأحد معه سبحانه تعظيماً لله أن يقطع شيء دونه واعترافاً بأنه لا حول ولا قوة إلا به، وأنه إن قيل ذلك دون استثناء فات قبل الفعل أو عاقه عنه عائق كان كذباً منفراً عن القائل.
ولما كان النسيان من شأن الإنسان وهو غير مؤاخذ به قال تعالى :( واذكر ربك ) أي المحسن إليك برفع المؤاخذة حال النسيان ) إذا نسيت ( الاستثناء بالاستعانة والتوكل عليه وتفويض الأمر كله بأن تقول : إن شاء الله، ونحوها في أيّ وقت تذكرت ؛


الصفحة التالية
Icon