صفحة رقم ٥٠٤
بقية سكان الأرض غير يأجوج ومأجوج براري شاسعة، وفيافي واسعة، منعت من اختلاطهم بهم، وأن تطيعهم بلسان غيرهم بعيد جداً لقلة حفظهم لخروج بلادهم عن حد الاعتدال، أو لغير ذلك أنهم لا يكادون يفهمون غيرهم شيئاً من كلامهم، وذلك معنى قراءة حمزة والكسائي بضم التحتانية وكسر القاف، ودل على أن عدم فهمهم وأفهامهم مقيد بما مضى قوله :( قالوا ) أي مترجموهم أو جيرانهم - الذين من دونهم - كما في مصحف ابن مسعود ممن يعرف بعض كلامهم، أو بالإشارة كما يخاطب إليكم :( يا ذا القرنين ( مسنا الضر ) إن يأجوج ومأجوج ( وهما قبيلتان من الناس من أولاد يافث، لا يطاق أمرهم، ولا يطفأ جمرهم، وقد ثبت في الصحيح في حديث بعث النار أنهم من ذرية آدم عليه السلام ) مفسدون في الأرض ( بأنواع الفساد ) فهل نجعل لك خرجاً ( نخرجه لك من أموالنا - هذا على قراءة الجماعة، وزاد حمزة والكسائي ألفاًن فقيل : هما بمعنى واحد، وقيل : بل الخرج ما تبرعت به، والخراج بالألف ما لزمك.
) على أن تجعل ( في جميع ما ) بيننا وبينهم ( من الأرض التي يمكن توصلهم إلينا منها بما آتاك الله من المكنة ) سداً ( يصل بين هذين الجبلين ) قال ( بعفة وديانة وقصد للخير :( ما مكني (.
ولما كان لمكنته حالتان : إحداهما ظاهرة، وهي ما شوهد من فعله بعد وقوعه، وباطنه ولا يقع أحد عليها بحدس ولا توهم، لأنها مما لم يؤلف مثله، فلا يقع المتوسم عليه، قرأ ابن كثير بإظهار النون في ) مكنني ( وغيره بالإدغام، إشارة إليهما.
ولما كان النظر إلى ما يقع المكنة فيه أكثر، قدم ضميره فقال :( فيه ربي ) أي المحسن إليّ بما ترون من الأموال والرجال، والفهم في إتقان الأمور، والتوصل إلى جميع المكن للمخلوق ) خير ) أي من خرجكم الذي تريدون بذله لمكنتي كما قال سليمان عليه السلام
٧٧ ( ) فما آتانيَ الله خيرمما آتاكم ( ) ٧
[ النمل : ٣٦ ] ) فأعينوني بقوة ) أي آلات وعمال أتقوى بها في فعل ذلكن فإن أهل البلاد أخبر بما يصلح في هذا العمل من بلادهم وما معي إنما هو للقتال وما يكون من أسبابه، لا لمثل هذا ) أجعل بينكم ) أي بين ما تختصون به ) وبينهم ردماً ) أي حاجزاً حصيناً موثقاً بعضه فوق بعض، مع التلاصق المتلاحم الموجب لأن لا يميز بعضه من بعض وهو أعظم من السد ؛ قال البغوي : فحفر له الأساس حتى بلغ الماء وجعل حشوه الضخر وطينه النحاس يذاب فيصب عليه فصار كأنه عرق من جبل تحت الأرض.
) ءاتوني ( بفتح الهمزة بعدها


الصفحة التالية
Icon