صفحة رقم ٥١٣
الآخرة برؤيته وغيرها، وإنما قال :( لقاء ربه ( تنبيهاً على أنه هو المحسن إلى كل أحد بالتفرد بخلقه ورزقه، ولا شريك له في شيء من ذلك على قياس ما نعلمه من أنه لا مالك إلا هو قاهر لمملوكه على لقائه، مصرف له في أوامره في صباحه ومسائه.
ولما كان الجزاء من جنس العمل، كان الواجب على العبد الإخلاص في عمله، كما كان عمل ربه في تربيته بالإيجاد وما بعده، فقال :( فليعمل ( وأكده للإعلام بأنه لا يد مع التصديق من الإقرار فقال :( عملاً ) أي ولوكان قليلاً ) صالحاً ( وهو ما يأمره به من أصول الدين وفروعه من التوحيد وغيره من أعمال القلب والبدن والمال ليسلم من عذابه ) ولا يشرك ) أي وليكن ذلك العمل مبيناً على الأساس وهو أن لا يشرك ولو بالرياء ) بعبادة ربه أحداً ( فإذا عمل ذلك فاز فحاز علوم الدنيا والآخرة، وقد انطبق آخر السورة على أولها بوصف كلمات الله ثم ما يوحى إليه، وكل منهما أعم من الكتاب بالأقومية للدعاء إلى الحال الأسلم، في الطريق الأقوم، وهو التوحيد عن الشريك الأعم من الولد وغيره، والإحسان في العمل، مع البشارة لمن آمن، والنذارة لمن أعرض عن الآيات والذكر، فبان بذلك أن لله تعالى - بوحدانيته وتمام علمه وشمول قدرته صفات - الكمال، فصح أنه المستحق لجميع الحمد - والله الموفق، والحمد لله على إتمام سورة الكهف من كتاب نظم الدرر من تناسب الآي والسور.
....