صفحة رقم ٥٣٠
مريم :( ٢٦ - ٣٣ ) فكلي واشربي وقري.....
) فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ البَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيّاً فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُواْ يمَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيّاً يأُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُواْ كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيّاً قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً وَبَرّاً بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيّاً وَالسَّلاَمُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً ( ( )
ولما كان من المعلوم أنها هزت فتساقط الرطب، سبب عنه قوله :( فكلي ) أي فتسبب عن الإنعام عليك بالماء والرطب أن يقال لك تمكيناً من كل منهما كلي من الرطب ) واشربي ( من ماء السرى ) وقري ) أي استقري ) عيناً ( بالنوم، فإن المهموم لاينام، والعين لا تستقر ما دامت يقظي، وعن الأصمعي أن المعنى : ولتبرد دمعتك، لأن دمعة الفرح باردة ودمعة الحزن حارة، واشتقاق ( قري ) من القرور، وهو الماء البارد - انتهى.
وقال الإمام أبو عبد الله القزاز في ديوانه : وحكى الفراء أن قريشاً ومن حولهم يقولون : قررت به عيناً - أي بكسر العين - أقر، وأن أسداً وقيساً وتميماً يقولون : قررت به عيناً - أي بالفتح - أقر، قال - يعني الفراء : فمن قال : قررت - أي بالكسر - قرأ، وقرى عيناً - أي بالفتح، وهي القراءة المعروفة، ومن قال : قررت، - أي بالفتح قراً وقري عيناً - بكسر القاف أي وهي الشاذة، قال - أي القزاز : هي لغة كل من لقيت من أهل نجد، والمصدر قرة وقرور.
وسيأتي في القصص ما ينفع هنا، وهو على كل حال كناية عن طيب النفس وتأهلها لأن تنام بالكفاية في الدنيا بطعام البدن وغذاء الروح بكونه آية باهرة، والآخرة بالكرامة وذلك على أنفع الوجوه، قيل : ما للنفساء خير من الرطب ولا للمريض خير من العسل ؛ ثم سبب عن ذلك قوله مؤكداً إيذاناً بأن أكثر رؤيتها في تلك الأوقات الملائكة عليهم السلام ) فإما ترين ) أي يا مريم ) من البشر أحداً ( لا تشكين أنه من البشر ينكر عليك ) فقولي ( لذلك المنكر جواباً له مع التأكيد تنبيهاً على لابراءة لأن البريء يكون ساكناً لاطمئنانه والمرتاب يكثر كلامه وحلفه :( إني نذرت للرحمن ) أي الذي عمت رحمته فأدخلني فيها على ضعفي وخصني بما رأيت من الخوارق ) صوماً ) أي صمتاً ينجي من كل وصمة وإمساكاً عن الكلام ) فلن ) أي فتسبب عن النذر أني لن ) أكلم اليوم إنسياً ( فإن كلامه يقبل الرد والمجادلة ولكن يتكلم عني المولود الذي


الصفحة التالية
Icon