صفحة رقم ٥٥٠
عن الجنة، فثبت أمر البعث، أتبع ذلك ما يقرره على وجه أصرح منه وأعم فقال مبدلاً من ) ربك ( :( رب السماوات والأرض ( اللتين نحن من جملة ما فيهما من عبادة ) وما بينهما ( منا ومن غيرنا من الأحياء وغيرها ) فاعبدوه ( بالمراقبة الدائمة على ما ينبغي له من مثلك ) واصطبر ) أي اصبر صبراً عظيماً بغاية جهدك على كل ما ينبغي الاصطبار عليه كذلك ) لعبادته ) أي لأجلها فإنها لا تكون إلا عن مجاهدة شديدة ؛ ثم علل ذلك بقوله :( هل تعلم له سمياً ) أي متصفاً بوصف من أوصافه اتصافاً حقيقياً، أو مسمى باسمه، العلمَ الواقع موقع لأنه لا مماثل له حتى ولا في مجرد الاسم، وإيراده بصورة الاستفهام كالدعوى بدليلها.
مريم :( ٦٦ - ٧١ ) ويقول الإنسان أئذا.....
) وَيَقُولُ الإِنْسَانُ أَإِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيّاً أَوَلاَ يَذْكُرُ إلإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيّاً ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِن كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيّاً ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيّاً وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَّقْضِيّاً ( ( )
ن بذلك وبما ذكر في هاتين السورتين مما سألوا عنه ومن غيره شمولُ علمه وتمام قدرته لاسيما في إيجاد البشر تارة من الترابن وتارة من ذكر وأنثى في حكم العدم، وتارة من أنثى بلا ذكرن وثبت ذلك كله، فانكشفت الشبه، وتضاءلت موجبات المراء، وانقمعت مخيلات الفتن، عجب منها في إنكارهم البعث وهم يشاهدون ما ذكر من قدرته وعلمه، عاطفاً على التعجب في قولهم ) وقالوا ءاذا كنا ( تعجيباً أشد من ذلك فقال :( ويقول ( بلفظ المضارع المؤذن بالتجدد بعد هذا البيان المقتضي حتماً لاعتقاده البعث فضلاً عن إنكار مرة من المرات، ليخبر عنها بصيغة الماضي، فكيف بالمداومة على ذلك المشار إليها بصيغة المضارع ؛ وعبر بالمفرد وإن كان للجنس لأن الإنكار على الواحد يستلزم الإنكار على المتعدد فقال :( الإنسان ) أي الذي خلقناه ولم يك شيئاً، مع ما فضلناه به من العقلن ونصبا له من الدلائلن فشغله الإنس بنفسه عن التأمل في كمال ربه منكراً مستبعداً :( ءذا ما مت ( ثم دل على شدة استبعاده لذلك بقوله مخلصاً للاستقبال :( لسوف أخرج ) أي يخرجني مخرج ) حياً ) أي بعد طول الرقاد، وتفتت الأجزاء والمواد، وجاء بهذه التأكيدات لأن ما بعد الموت وقت كون الحياة منكرة على زعمه، والعامل في ) إذا ( فعل من معنى ) أخرج ( لا هو، لمنع لام الابتداء لعمله فيما قبله ؛ ثم قابل إنكاره الباطل بإنكار هو الحق فقال عطفاً على يقول أو على ما تقديره : ألا يذكر ما لنا من تمام القدرة بخلق ما


الصفحة التالية
Icon