صفحة رقم ٥٨
وجوهه، وانقطع عن الباطل بظهوره، من : حص شعره.
إذا استأصل قطعه بحيث ظهر ما تحته، ومنه الحصة : القطعة من الشيء، ونظيره : كب وكبكب، وكف وكفكف، فهذه زيادة تضعيف، دل عليه الاشتقاق وهو قول الزجاج - قاله الرماني.
ووافقه الرازي في اللوامع وقال : وقال الأزهري : هو من حصحص البعير : أثرت ثفناته في الأرض إذا برك حتى تستبين آثارها فيه ) أنا راودته ) أي خادعته وراودته ) عن نفسه ( وأكدت ما أفصحت به مدحاً ونفياً لكل سوء بقولها مؤكداً لأجل ما تقدم من إنكارها :( وإنه لمن الصادقين ) أي العريقين في هذا الوصف ف نسبة المراودة إليّ وتبرئة نفسه، فقد شهد النسوة كلهن ببراءته، وإنه لم يقع منه ما ينسب به شيء من السوء إليه، فمن نسب إليه بعد ذلك هما أو غيره فهو تابع لمجرد الهوى في نبي من المخلصين.
يوسف :( ٥٢ - ٥٦ ) ذلك ليعلم أني.....
) ذلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ وَمَآ أُبَرِّىءُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مِكِينٌ أَمِينٌ قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ وَكَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَآءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَشَآءُ وَلاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ( ( )
ولما انجلى الأمر، أمر الملك بإحضاره، ليستعين به فيما إليه من الملك، لكن لما كانت براءة الصديق أهم من ذلك - وهي المقصود من رد الرسول - قدم بقية الكلام فيها عليه، وليكون كلامه في براءته متصلاً بكلام النسوة في ذلك، والذي دل على أن ذلك كلامه ما فيه من الحكم التي لا يعرفها في ذلك الزمان غيره، فقال - بناء على ما تقديره : فلما رجع الرسول إلى يوسف عليه الصلاة والسلام فأخبره بشهادتين ببراءته قال - :( ذلك ) أي الخلق العظيم في تثبتي في السجن إلى أن تبين الحق ) ليعلم ( العزيز علماً مؤكداً ) أني لم أخنه ) أي في أهله ولا في غيرها ) بالغيب ) أي والحال أن كلا منا غائب عن صاحبه ) و ( ليعلم بإقرارها وهي في الأمن والسعة، وتثبتي وأنا في محل الضيق والخوف ما من شأنه الخفاء عن كل من لم يؤيده الله بروح منه من ) إن الله ) أي الذي له الإحاطة بأوصاف الكمال ) لا يهدي ) أي يسدد وينجح بوجه من لوجوه ) كيد الخائنين ) أي العريقين في الخيانة، بل لا بد أن يقيم سبباً لظهور الخيانة وإن اجتهد الخائن في التعمية ؛ والخيانة : مخالفة الحق بنقض العهد العام.
وضدها الأمانة، والغدر : نقضه حاصاً، والمعنى أني لما كنت بريئاً سدد الله أمري، وجعل عاقبتي إلى خير كبير وبراءة تامة، ولما كان غيري خائناً، أنطقه الله بالإقرار بها.


الصفحة التالية
Icon