صفحة رقم ٦٤
فقال يوسف عليه الصلاة والسلام لفرعون : الرؤيا يا فرعون واحدة، أطلع الله فرعون على ما هو مزيع أن يفعله، السبع بقرات الحسان والسبع سنبلات الحسان هي سبع سنين : خير، الرؤيا واحدة، والسبع بقرات الضعيفات المهزولات اللاتي صعدان بعدهن والسبع سنبلات المهزولات اللاتي ضربها ريح السموم تكون سبع سنين : جوع، وهذا القول الذي قلت لفرعون.
إن الله أظهر ما هو مزمع عتيد أن يفعله، وها هذه سبع سنين يأتي الشبع والخصب العظيم جميع أرض مصر، ويأتي بعدها سبع سنين أخر يكون فيها الجوع، وينسى جميع الشبع، والخصب الذي كان في جميع أرض مصر، فيبيد أهل الأرض من الجوع من أجل الغم الذي يأتي من بعد لكثرته وشدته، وإنما أعيدت الرؤيا لفرعون ثاني مرة، لأن الأمر معد بين يدي الرب، والله معجل فعله.
والآن فلينظر فرعون رجلاً حكيماً فهماً.
فيوليه أرض مصر، فيقاسم أهل مصر على الخمس في السبع السنين، فيجمعوا جميع أفقال هذه السنين الخصبة الآتية، ويخزنوا الأفقال تحت يدي فرعون، ويحفظ القمح في القرى، وليكن الفقل معداً محفوظاً لأهل مصر لسبع سني الجوع المزمع أن يكون في جميع أرض مصر، ولا يبيد أهل الأرض بالجوع.
فحسن هذا القول عند فرعون وعند عبيده، فقال فرعون لقواده : هل يوجد مثل هذا الرجل الذي روح الله حالّ فيه ؟ ثم قال فرعون ليوسف عليه الصلاة والسلام : إذا أطلعك الله على هذا كله، ليس أحد منها مثلك، أنت المسلط على بيتي، وعن أمرك وقولي فيك يقبل جميع الشعب، وإنما أنا أعظم منك بالمنبر فقط، وقال فرعون ليوسف : انظر فقد وليتك جميع أرض مصر، وخلع فرعون خاتمه من خنصره، فوضعه في خنصر يوسف عليه الصلاة والسلام، وألبسه ثياب كتان، وطوقه بطوق من ذهب، وحمله على بعض مراكبه، ونادى بين يديه : هذا أب ومسلط، وسلطانه على جميع أرض مصر، ثم قال فرعون ليوسف عليه الصلاة والسلام : إني قد أمرت أن لا يكون أحد يشير بيديه أو يخطو بقدميه دون أمرك في جميع أرض مصر.
ودعا فرعون اسم يوسف : موضح الخفايا، زوجه بأسنة - وفي نسخة : بأسنات - بنت قوطفيرع إمام إسكندرية - وفي نسخة : حبر وان - فخرج يوسف عليه والياً على جميع أرض إمام مصر، وكان قد أتى على يوسف ثلاثون سنة إذ وقف بين يدي فرعون، فطاف في جميع أرض مصر.
وأغلّت الأرض في جميع السبع سني الخصب، ملأ الخزائن وجمع الأقفال في القرى، جمع قمح حقول كل قرية وما أحاط بها فخزنة فيها، وخزن يوسف عليه الصلاة


الصفحة التالية
Icon