صفحة رقم ٨٠
والساقر : الكافر واللعان لغير المستحقين - لكثرة الأذى، أو الاستحقاق الكون في سقر، والساقور : الحرو الحديدة يكوى بها الحمار ؛ ومن الأذى بالبرد : القرس - وهو البرد الشديد والبارد، والقرس - ويحرك : أبرد الصقيع وأكثفه، والقرس - بالتحريك : الجامد، وأقرس العود جمد ماءه، ومنه القريس - لسمك طبخ وترك حتى جمد، وقرس الماء : جمد، والبرد : اشتد كقرس كفرح، وآل قرايس ويقال : نبات قراس - كسحاب : أجبل باردة أو هضاب بناحية السراة، وقرسنا الماء : بردناه.
إذا تقرر ذلك فتصحيح قول المؤذن ( إنكم لسارقون ) إن نظرإلى الغلبة في خفاء فلا شك أنهم متصفون بذلك لأخذهم يوسف من أبيه عليهما السلام على هذه الحالة، وإن نظر إلى مطلق الأخذ في خفاء فيكون إطلاق ذلك عليهم مجازاً، لأن معهم - في حال ندائه لهم وهم سائرون - شيئاً ليس هو لهم هم ذاهبون به في خفاء، أي أنتم في هذه الحالة فاعلون فعل السارق، ويقوي إرادة الأول قوله تعالى ) لتنبئهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون ( وقوله تعالى :( من وجدنا متاعنا عنده ( كما سيأتي.
ولما كان يوسف عليه الصلاة والسلام إنما تمكن من ذلك بعلو درجته وتمكنه ورفعته، بعد ما كان فيه عندهم من الصغار، كان ذلك محل عجب، فقال تعالى - التفاتاً إلى مقام التكلم تقوية للكلام بمقام الغيبة والتكلم، وزاده إشعاراً بعظمة، هذا الفعل بصوغه في مظهر العظمة منبهاً لمن قد يغفل :( نرفع ) أي لنا من العظمة، وكان الأصل : درجاته، ولكنه عمم لأنه أدل على العظمة، فكان أليق بمظهرها، فقال منبهاً على أنه كان حصل ليوسف عليه الصلاة والسلام من الهضم ما ظن كما ظن أنه لا يرتفع بعده :( درجات من نشاء ) أي بالعلم.
ولما كان سبب الرفعة هو الأعلمية بالأسباب، وذلك ان الخلق لو اجتهدوا في خفض أحد فنصبوا له كل سبب علموه وقدروا عليه، وأراد الله ضد ذلك، لقيّض بعلمه سبباً واحداً إن شاء فأبطل جميع تلك الأسباب وقضى برفعته، نبه تعالى على ذلك بقوله :( وفوق كل ذي علم ) أي من الخلق ) عليم ( عظيم العلم، لا تكتنه عظمة علمه العقول، ولا تتخيلها الفهوم، فهو يسبب من الأسباب ما تطيح له أسباب العلماء وتحير له ألباب العقلاء البصراء، وهو الله تعالى - كما نقله الرماني عن ابن عباس رضي الله عنهما والحسن وسعيد بن جبيرن فالتنوين للتعظيم.
يوسف :( ٧٧ - ٧٩ ) قالوا إن يسرق.....
) قَالُواْ إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ قَالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَّكَاناً وَاللَّهُ أَعْلَمْ بِمَا تَصِفُونَ قَالُواْ يأَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ