صفحة رقم ٩٧
حياة يوسف ؛ قال الرماني : و الضلال : الذهاب عن جهة الصواب.
فصحح الله قوله وحقق وجدانه، وعجلوا إليه بشيراً فأسرع بعد الفصول، ولذلك عبر بالفاء في ) فلما ( وزيدت ) أن ( لتأكيد مجيئه على تلك الحال وزيادتها قياس مطرد ) جاء البشير ( وهو يهوذا بذلك، معه القميص ) ألقاه ) أي القميص حين وصل إلى يعقوب عليه الصلاة والسلام من غير فاصل ما بين أول المجيء وبينه كما أفادته زيادة ( أن ) لتأكيد ما تفيده ( لما ) من وقوع الفصل الثاني وهو هنا الإلقاء عقب الأول وترتبه عليه وهو هنا المجيء ) على وجهه ) أي يعقوب عليه الصلاة والسلام ) فارتد ( من حينه ) بصيراً ( والارتداد : انقلاب الشيء إلى حال كان عليها، فالتفت الخاطر إلى حاله مع فنده، فأخبر تعالى عن ذلك بقوله مستأنفاً :( قال ) أي يعقوب عليه الصلاة والسلام ) ألم أقل لكم ( : إني أجد ريحه ؛ ثم علل هذا التقرير بقوله مؤكداً لأن قولهم قول من ينكر :( إني أعلم من الله ) أي المختص بصفات الكمال ) ما لا تعلمون ( لما خصني به تعالى من أنواع المواهب، وهو عام لأخبار يوسف عليه الصلاة والسلام وغيرها، وهو من الحديث بنعمة الله.
ولما كان ذلك تشوفت النفس إلى علم ما يقع بينه وبين أولاده في ذلك، فدفع عنها هذا العناء بقوله :( قالوا ياأبانا ( منادين بالأداة التي تدل على الاهتمام العظيم بما بعدها لما له من عظيم الوقع :( استغفر ) أي اطلب من الله أن يغفر ) لنا ذنوبنا ( ورد كل ضمير من هذه الضمائر إلى صاحبه في غاية الوضوح، فلذلك لم يصرح بصاحبه.
ولما سألوه الاستغفار لذنوبهم، عللوه بالاعتراف بالذنب، لأن الاعتراف شرط التوبة - كما قال ( ﷺ ) :( إن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب تاب الله عليه ) فقالوا مؤكدين تحقيقاً للإخلاص في التوبة :( إنا كنا خاطئين ) أي متعمدين للإثم بما ارتكبنا في أمر يوسف علية الصلاة والسلام ؛ ثم حكى جوابه بقوله مستأنفاً :( قال ) أي أبوهم عليه السلام مؤكداً لكلامه :( سوف أستغفر ) أي أطلب أن يغفر ) لكم ربي ) أي الذي لم يزل يحسن إليّ ويربيني أحسن تربية، فهو الجدير بأن يغفر لبني حتى لا يفرق بيني وبينهم في دار البقاء ؛ والربوبية : ملك هو أتم الملك على الإطلاق، وهو ملك الله تعالى لإنشاء الأنفس باختراعها وتصريفها أتم التصريف من الإيجاد والإعدام والتقليب من حال إلى حال في جميع الأمور من غير تعب ؛ ثم علل ذلك بقوله :( إنه هو ) أي وحده ) الغفور الرحيم ( كل ذلك تسكيناً لقلوبهم وتصحيحاً لرجائهم ليقوى أملهم، فيكون تعالى عند طنهم بتحقيق الإجابة وتنجيزاً لطلبه ؛ ولعله عبرب ( سوف ) لتقديم هاتين الجملتين على المسألة لما ذكرته من الأغراض، وقيل : لأنه أخر الدعاء إلى صلاة


الصفحة التالية
Icon