صفحة رقم ١٠٢
العمل فيأتي كما يريد ) لتحصنكم ) أي اللبوس أو داود أو الله على قراءة الجماعة في حصن مانع، وهو معنى قراءة النون الدال على مقام العظمة عند أبي بكر عن عاصم ورويس عن يعقوب، وقراءة أبي جعفر وابن عامر وحفص بالفوقانية للدروع نظراً إلى الجنس ) من بأسكم ( الكائن مما يحصل من بعضكم لبعض من شدائد الحرب لا من الباس كله ) فهل أنتم شاكرون ( لنا على ذلك لتوحدنا وتؤمنوا بأنبيائنا ؛ قال البغوي : قال قتادة : أول من صنع الدروع وسردها وحلقها داود عليه السلام، وكانت من قبل صفائح، والدرع يجمع الخفة والحصانة.
ولما كان قد سخر لابنه سليمان عليه السلام الريح التي هي أقوى من بقية العناصر قال :( ولسليمان ( معباً باللام لأنها كانت تحت أمره لنفعه ولا إبهام في العبارة ) الريح ( قال البغوي : وهي جسم لطيف يمتنع بلطفه من القبض عليه، ويظهر للحس بحركته، وكان سليمان عليه السلام يأمر بالخشب فيضرب له، فإذا حمل عليه ما يريد من الدواب، الناس وآلة الحرب أمر العاصفة فدخلت تحت الخشب فاحتملته حتى إذا استقلت به أمر الرخاء تمر به شهراً في غدوته وشهراً في روحته - انتهى ملخصاً.
فكان الريحان مسخرتين له، ولكن لما كان السياق هنا لبيان الإقدار على الأفعال الغريبة الهائلة، قال :( عاصفة ) أي شديدة الهبوب، هذا باعتبار عملها، ووصفت بالرخاء باعتبار لطفها بهم فلا يجدون لها مشقة ) تجري بأمره ( غذا أمرها غادية ورائحة ذاهبة إلى حيث اراد وعائدة على حسب ما يريد، ىية في آية.
ولما كان قد علم مما مضى من القرآن لحامله المعتني بتفهم معانيه، ومعرفة أخبار من ذكر فيه، أنه من بني إسرائيل، وأن قراره بالأرض المقدسة فكان من المعلوم أنه يجريها غلى غيره، وكان الحامل إلى مكان ربما تعذر عوده مع المحمول، عبر بحرف الغاية ذاكراً محل القرار دلالة علىأنها كما تحمله ذهاباً إلىحيث أراد من قاص ودان - تحمله إلى قراره اياماً فقال :( ألى الأرض التي باركنا ) أي بعزتنا ) فيها ( وهي الشام ) وكنا ) أي أزلاً وأبداً بإحاطة العظمة ) بكل شي ( من هذا وغيره من أمره وغيره ) عالمين ( فكنا على كل شيء قادرين، فلولا رضانا به لغيرناه عليه كما غيرنا على من قدمنا أمورهم، وهذا من طراز ) قل ربي يعلم القول ( كما مضى، وتسخير الريح له كما سخرت للنبي ( ﷺ ) ليالي الأحزاب، قال حذيفة رضي الله عنه : حتى كانت تقذفهم بالحجارة، ما تجاوز عسكرهم فهزمهم الله بها وردوا بغيظهم لم ينالو خيراً.
وأعم من جميع ما أعطى الأنبياء عليهم السلام أنه أعطى ( ﷺ ) التصرف في العالم العلوي الذي


الصفحة التالية
Icon