صفحة رقم ١١٣
إذا كان الفتح ووقع ما تعقبه فاجأت الشخوص ) أبصار الذين كفروا ) أي منهم، لما بدا لهم ما لم يكونوا يحتسبونه من الأهوال، قائلين :( يا ويلنا ) أي حضرنا الويل فهو نديمنا فلا مدعو لنا غيره ) قد كنا ) أي في الدنيا ) في غفلة من هذا ) أي مبتدئة من اعتقاد هذا البعث فكنا نكذب به فعمتنا الغفلة.
ولما كان من الوضوح في الدلائل والرسوخ في الخواطر بحيث لا يجهله أحد، أضربوا عن الغفلة فقالوا :( بل كنا ظالمين ) أي بعدم اعتقاده واضعين الشيء في غير موضعه حيث أعرضنا عن تأمل دلائله، والنظر في مخايله، وتقبل كلام الرسل فيه، فأنكرنا ما هو أضوأ من الشمس.
الأنبياء :( ٩٨ - ١٠٥ ) إنكم وما تعبدون.....
) إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمْ لَهَا وَارِدُونَ لَوْ كَانَ هَؤُلاءِ آلِهَةً مَّا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَهُمْ فِيهَا لاَ يَسْمَعُونَ إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِّنَّا الْحُسْنَى أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ لاَ يَسْمَعُونَ حَسِيَسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ لاَ يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلاَئِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ يَوْمَ نَطْوِي السَّمَآءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَآ أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَآ إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ ( ( )
ولما كان هذا محلاًّ يخطر بالبال فيه آلهتهم بما يترجونه منها من النفع، قال مخاطباً لهم إرادة التعنيف والتحقير :( إنكم ( وأكده لإنكارهم مضمون الخبر :( وما تعبدون ( أيها المشركون من الأصنام والشياطين ؛ ولما كان يتعبدون له سبحانه طوعاً وكرهاً مع الإشراك، قيد بقوله دالاً على أن رتبة ما عبدوه من أدنى المراتب الكائنة تحت رتبته سبحانه :( من دون الله ) أي الملك الأعلى الذي لا كفوء له ؛ ولما كانوا يرمى بهم في جهنم رمي الحجارة الصغار التي تسمى الحصباء إلى المحصوب إسراعاً وإكراهاً، فيكونون وقودها من غير إخراج، قال :( حصب جهنم ) أي الطبقة التي تلقى المعذب بها بالتجهم والعبوسة والتكره ؛ ثم أكد ذلك بقوله استئنافاً :( أنتم لها واردون ) أي داخلون دخول ورد الحمى على حالة هي بين السواد بالدخان والاحمرار باللب.
ولما قرعهم من هذا الكلام بما لا جواب لهم عنه غير المكابة، أعرض عنهم الخطاب استهانة بهم واحتقاراً لهم فقال :( لو كان هؤلاء ) أي الذين أهلوهم لرتبة الإلهية وهم في الحقارة بحيث يقذف بهم في النار قذفاً ) ءالهة ) أي كما زعم العابدون


الصفحة التالية
Icon