صفحة رقم ١٣١
وهذا للزلزلة نفسها، فكيف بجميع ما يحدث في ذلك اليوم الذي لا بد لكم من الحشر فيه إلى الله ليجازيكم على ما كان منكم، لا ينسى منه نقير ولا قطمير، ولا يخفى قليل ولا كثير، مما تطير له القلوب، ولا تثبت له النفوس، فاعتدوا وجاهدوا أعداءكم من الأهواء والشياطين.
ولما كان المراد بالساعة القيام وما والاه، جعل مظروفاً لذلك اليوم الذي هو من ذلك الوقت إلى افتراق الفريقين إلى داري الإبعاد والإسعاد، والهوان والغفران، فقال تعالى :( يوم ترونها ) أي الزلزلة أو كل مرضعة، أضمرها قبل الذكر، تهويلاً للأمر وترويعاً للنفس ) تذهل ) أي تنسى وتغفل حائرة مدهوشة، وهو العامل في ( يوم ) ويجوز أن يكون عامله معنى الكلام، أي تستعظمون جداً ذلك اليوم عمد المعاينة وإن كنتم الآن تكذبون، ويكون ما بعده استئنافاً ودل بالسور على عموم تأثير لشدة عظمته فقال :( كل مرضعة ) أي بالفعل ) عما أرضعت ( من ولدها وغيره، وهي من ماتت مع أبنها رضيعاً، قال البغوي : يقال : مرضع، بلا هاء - إذا أريد به الصفة مثل حائض وحامل، فإذا أردوا الفعل أدخلوا الهاء - يعني : فيدل حينئذ أنها ملتبسة به ) وتضع كل ذات حمل حملها ) أي تسقطه قبل التمام رعباً وفزعاً، وهي من ماتت حاملاً - والله أعلم، فإن كل أحد يقوم على ما مات عليه، قال ا لحسن : تذهل المرضعة عن ولدها بغير فطام، وتضع الحامل ما في بطنها بغير تمام - انتهى.
ويؤيد أن هذه الزلزلة تكون بعد البعث ما في الصحيحين وغيرهما : مسلم في الإيمان وهذا لفظه، والبخاري عند تفسير هذه الآية عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه رفعه :( يقول الله عز وجل : يا آدم فيقول : لبيك وسعديك والخير في يديك، قال : يقول : أخرج بعث النار، قال : وما بعث النار ؟ قال : من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون، فذلك حين يشيب الصغير، وتضع كل ذات حمل حملها ) الحديث والأحاديث في ذلك كثيرة، ومعارضها ضعيف، والمنسب أيضاً لما في آخر تلك من قوله
٧٧ ( ) فإذا هي شاخصة أبصار الذين كفروا ( ) ٧
[ الأنبياء : ٩٧ ] وما تبعه أن هذه الزلزلة بعد القيام من القبور
٧٧ ( ) يوم نطوي السماء ( ) ٧
[ الأنبياء : ١٠٤ ]
٧٧ ( ) إذا السماء انفطرت ( ) ٧
- إلى قوله :
٧٧ ( ) علمت نفس ما قدمت وأخرت ( ) ٧
[ النفطار : ١، ٢، ٣، ٤، ٥ ] ويمكن أن يكون المراد هذا وا قبله لأن يوم الساعة طويل، فنسبة الكل إليها على حد سواء.
ولما كان الناس كلهم يرون الزلزلة، ولا يرى الإنسان السكر - إلا من غيره قال