صفحة رقم ١٣٧
والتجدد بما أمر به الإله الأعظم من طاعته ) على حرف ( فهو مزلزل كزلزلة من يكون على حرف شفير أو جبل أو غيره، لا استقرار له، وكالذي على طرف من العسكر، فإن رأى غنيمة قر، وإن توهم خوفاً طار وفر، وذلك معنى قوله :( فإن أصابته فتنة ( اي مصبية ولو قلت - بما يشير إليه التأنيث - في جسده أو معيشته يختبر بها ويظهر خبأة للناس ) انقلب على وجهه ( لتهيئة للانقلاب بكونه على شفا جرف فسقط عن ذلك الطرف من الدين سقوطاً لا رجوع له بعد إليه وجوع له بعده إليه ولا حركة له معه، فإن الإنسان مطبوع على المدافعة بكل عضو من أعضائه عن وجهه فلا يمكن منه إلا بعد نهاية العجز، والمعنى أنه رجع إلى الوجه الذي كان عليه من الكفر أو الشك رجوعاً متمكناً، وهذا بخلاف الراسخ في إيمانه، فإنه إن أصابته سراء شكر، وإن أصابته ضراء حمد وصبر، فكل قضاء الله له خير.
ولما كان انقلاب هذا مفسداً لآخرته بما ناله من الوزر، وغي نافع له في استدراك ما فاته من الدنيا، كانت فذلكة ذلك قوله :( خسر الدنيا ) أي بسبب أن ذلك لا يرد ما فاته منها ويكون سبب التقتير عليه وذهاب بركته
٧٧ ( ) ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم ( ) ٧
[ المائدة : ٦٦ ] ( إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه ) ) والآخرة ( بفوات أجر الصبر وحصول إثم الجزع : ثم عظم مصيبته بقوله :( ذلك ) أي الأمر العظيم ) هو ) أي لا غير ) الخسران المبين ( ورى البخاري في التفسير عن ابن عباس رضي الله عنهما في هذه الآية قال : كان الرجل يقدم المدينة، فإن ولدت امرأته غلاماً ونتجت خيله قال : هذا دين صالح، وإن لم تلد امرأته ولم تنتج خيله قال : هذا دين سوء ثم بين هذا الخسران الذي رده إلى ما كان فيه قبل الإيمان الحرفي بقوله :( يدعو ) أي يعبد حقيقة أومجازاً مع التجدد والاستمرار بالاعتماد على غير الله ومنابذة
٧٧ ( ) وإياك نستعين ( ) ٧
[ الفاتحة : ٥ ].
ولما كان كل ما سوى الله دنه، نبه على ذلك بقوله :( من دون الله ) أي عن أدنى رتبة من رتب المستجمع لصفات الكمال.
ولما كان المتضي للعبادة إنما هو الفعل بالاختيار، وأما الفعل الذي يقتضيه الطبع والقسر عليه فلا عبرة به في ذلك، فإنه لا قدرة على انفكاك عنه فلا حمد لفاعله، نبه


الصفحة التالية
Icon