صفحة رقم ١٦٦
يصلون به إلى معرفة بطلانه، فيوصلهم ذلك غلى سعادة الدارين ) ولا يزال الذين كفروا ) أي وجد منهم الكفر وطبعوا عليه ) في مرية ) أي شك يطلبون السكون إليه ) منه ) أي من أجل إلقاء الشيطان وما ألقاه، أو مبتدىء منه ) حتى تأتيهم الساعة ) أي الموت أو القيامة ) بغتة ) أي فجأة بموتهم حتف الأنف ) أو يأتيهم عذاب يوم عقيم ( يقتل فيه جميع أبنائهم منهم ولا يكون لهم فيه شيء مما يترجونه من نصر أو غيره كما سعوا بجدلهم وإلقاء الضلالات في إعقام الآيات، فإذا انكشف لهم الغطاء بالساعة أو العذاب الموصل إلى حد الغرغرة آمنوا دأب البهائم التي لا ترى إلا الجزيئات، فلم ينفعهم ذلك لفوات شرطه، وقد زالت بحمد الله عن هذه الآية - بما قررته الشكوك، وانفصحت مخيلات الشبه، وانقمعت مضلات الفتن، من قصة الغرانيق وما شكلها مما يتعالى عنه ذلك الجناب الرفيع، والحمى العظيم المنيع، ولم يصح شيء من ذلك كما صرح به الحافظ عماد الدين ابن كثير وغيره كيف وقد منع الشيطان من مثاله ( ﷺ ) في المنام، كما قال ( ﷺ ) فيما أخرجه الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه ( من رآني في المنام فقد رآني فإن الشيطان لا يتمثل بي ) وقد تولى الله سبحانه حفظ الذكر الحكيم بحراسة السموات وغيرها
٧٧ ( ) إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ( ) ٧
٧٧ ( ) إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصداً ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم ( ) ٧
[ الجن : ٢٧ ].
ولما كانوا من الكثرة والقوة بمكان كان كأنه قيل : كيف يغلبون ؟ فقال جواباً عن ذلك :( الملك يومئذ ) أي يوم إذ تأتيهم ذلك إما في القيامة أو في ا لدنيا ) لله ) أي المحيط بجميع صفات الكمال وحد بتغليب اسمه الظاهر، بأن يجري أمره فيه على غير الأسباب التي تعرفونها.
ولما كان كأنه قيل : ما معنى اختصاصه به وكل الأيام له ؟ قيل :( يحكم بينهم ) أي بين المؤمنين والكافرين بالأمر الفيصل، لا حكم فيه ظاهراً ولا باطناً لغيره، كما ترونه الآن، بل يمشي فيه الأمر على أتم قوانين العدل، ولذلك سبب ظهور العدل عنه قوله مفصلاً بادئاً.
إظهاراً لتفرده بالحكم بإكرام من كانوا قاطعين بهوانهم في الدارين مع أن تقديمهم أوفق لمقصود السورة :( فالذين آمنوا وعملوا ) أي وقصدوا دعواهم الإيمان بأن عملوا ) الصالحات ( وهي ما أمرهم الله به.


الصفحة التالية
Icon