صفحة رقم ١٩٩
المؤمنون :( ٣٣ - ٣٦ ) وقال الملأ من.....
) وَقَالَ الْمَلأُ مِن قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِلِقَآءِ الآخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا مَا هَذَا إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَراً مِّثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذاً لَّخَاسِرُونَ أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتٌّمْ وَكُنتُمْ تُرَاباً وَعِظاماً أَنَّكُمْ مُّخْرَجُونَ هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ ( ( )
ولما كان التقدير : فلم يؤمنوا ولم يتقوا داب قوم نوح، عطف عليه قوله :( وقال الملأ ) أي الإشراف الذين تملأ رؤيتهم الصدور، فكأن ما اقترن بالواو أعظم في التسلية مما خلا منها على تقدير سؤال لدلالة هذا على ما عطف عليه.
ولما كانت القبائل قد تفرغت بتفرق الألسن، قدم قوله :( من قومه ( اهتماماً وتخصيصاً للإبلاغ في التسلية ولأنه لو أخر لكان بعد تمام الصلة وهي طويلة ؛ ثم بين الملأ بقوله :( الذين كفروا ) أي غطوا ما يعرفون من أدلة التوحيد والانتقام من المشركين ) وكذبوا بلقاء الآخرة ( لتكذيبهم بالبعث.
ولما كان من لازم الشرف الترف، صرح به إشارة إلى أنه - لظن كونه سعادة في الدنيا - قاطع في الغالب عن سعادة الآخرة، لكونه حاملاً على الأشر والبطر والتكبر حتى على المنعم، فقال :( وأترفناهم ) أي والحال أنا - بما لنا وعلى ما لنا من العظمة - نعمناهم ) في ا لحياة الدنيا ( اي الدانية الدنيئة، بالأموال والأولاد وكثرة السرور، يخاطبون أتباعهم :( ما هذا ( أشاروا إليه تحقيراً له عند المخاطبين ) إلا بشر مثلكم ) أي في الخلق والحال ؛ ثم وصفوه بما يوهم المساواة في كل وصف فقالوا :( يأكل مما تأكلون منه ( من طعام الدنيا ) ويشرب مما تشربون ) أي منه من شرابها فكيف يكون رسولاً دونكم ولما كان التقدير : فلئن اتبعتموه إنكم لضالون، عطف عليه :( ولئن أطعتم بشراً مثلكم ( في جميع ما ترون ) إنكم إذاً ( اي إذا أطعتموه ) لخاسرون ( اي مغبونون لكونكم فضلتم مثلكم عليكم بما يدعيه مما نحن له منكرون ؛ ثم بينوا إنكارهم بقولهم :( أيعدكم أنكم إذا متم ( ففارقت أرواحكم أجسادكم ) وكنتم ) أي وكانت أجسادكم ) تراباً ( باستيلاء التراب على مادون عظامها ) وعظاماً ( مجردة ؛ ثم بين الموعود به بعد أن حرك النفوس إليه، وبعث بما قدمه أتم بعث عليه، فقال مبدلاً من ) أنكم ( الأولى إيضاحاً للمعنى :( أنكم مخرجون ( اي من تلك الحالة التي صرتم إليها، فراجعون إلى ما كنتم عليه من الحياة على ما كان لكم من الأجسام ؛ ثم استأنفوا التصريح بما دل عليه الكلام من استبعادهم ذلك فقالوا :( هيهات هيهات ( اي بعد بعد جداً بحيث صار ممتنعاً، ولم يرفع ما بعده به بل قطع عنه تفخيماً له، فكان كأنه قيل : لي شيء هذا الاستبعاد ؟ فقيل :( لما توعدون (.


الصفحة التالية
Icon