صفحة رقم ٢٠٦
سننكم، إلم يقل الله : أكرم أباك وأمك، والذي يقول كلاماً رديئاً في أبيه وأمه يستأصل بالموت، وأنتم تقولون : من قال لأبيه أو لأمه.
إن القربان شيء ينتفع به، فلا يكرم اباه وأمه، فأبطلتم كلام الله من تلقاء روايتكم ؛ قال مرقس : وتفعلون كثيراً مثل هذا - اتنهى.
يا مراؤون حسناً يثني وقال مرقس : نعماً يثني عليكم أشياعاً قائلاً : إن هذا لاشعب قرب مني ويكرمني بشفتيه، وقلبه بعيد عني، يعبدونني باطلاً ويعلّمون تعليم وصايا الناس.
ودعا الجمع وقال لهم : اسمعوا وافهموا، ليس ما يدخل الفم ينجس الإنسان، لكن الذي يخرج من الفم ينجس الإنسان، حينئذ جاء إليه تلاميذه وقالوا : اعلم أن الفريسيين لما سمعوا الكلام شكوا، فأجابهم وقال : كل غرس لا يغرسه أبي السماوي يقلع، دعوهم فإنهم عميان يقودهم عميان، أجابه بطرس وقال : فسر لنا المثل فقال : حتى أنتم لا تفهمون ؟ أما تعلمون أن كل ما يدخل إلى الفم يصل إلى البطن وينطرد إلى المخرج، فأما الذي يخرج من الفم فهو يخرج من القلب، هذا الذي ينجس الإنسان، لأنه يخرج من القلب الفكر الشرير : القتل الزنى الفسق السرقة وشهادة الزور التجديف، هذا هو الذي ينجس الأنسان، وأما الأكل بغير غسل الأيدي وفليس ينجس الإنسان، وقال مرقس : إن كل ما كان خارجاً يدخل إلى فم الإنسان لا يقدر أن ينجسه لأنه لا يصل إلى القلب، بل إلى الجوف ويذهب إلى خارج، والذي يخرج من الإنسان هو الذي ينجس الإنسان، لأنه من داخل تخرج أفكار السوء : فجور الزنى قتل سرقة شره شر غش فسق عين شريرة تجديف تعاظم جهل، هذا كله شر من داخل يخرج وينجس الإنسان انتهى.
وفيه مما لا يجوز إطلاقه في شرعنا : الأب - كما تقدم غير مرة.
ولما بين أن عيسى عليه السلام على منهاج إخوانه من الرسل في الأكل والعبادة، وجميع الأحوال، زاد ي تحقيق ذلك بياتاً لمن ضل بأن اعتقد فيه ما لا يليق به، فقال مخاطباً لجميعهم بعد إهلاك من عاندهم من قومهم على وجه يشمل ما قبل ذلك رداً لمن جعله موجباً لإنكار الرسالة، وتبكيتاً لمن ابتدع الرهبانية من أمة عيسى عليه السلام، إعلاماً بأن كل رسول قيل له معنى هذا الكلام فعمل به، فكانوا كأنهم نودوا به في وقت واحد، فعبر بالجمع ليكون أفخم له فيكون أدعى لقبوله :( يا أيها الرسل ( من عيسى وغيره ) كلوا ( أنتم ومن نجيناه معكم بعد إهلاك المكذبين.
ولما علو عن رتبة الناس، فلم يكونوا أرضيين، لم يقل
٧٧ ( ) مما في الأرض ( ) ٧
[ البقرة : ١٦٨ ] وعن رتبة الذين آمنوا، لم يقل
٧٧ ( ) من طيبات ما رزقناكم ( ) ٧
[ البقرة : ١٧٢ ] ليكنوا عابدين نظراً إلى النعمة أو حذراً من النقمة، كما مضى بيانه في سورة البقرةن بل قال :( من الطيبات ) أي الكالملة اليت مننت عليكم بخلقها لكم وإحلالها وإزالة الشبه


الصفحة التالية
Icon