صفحة رقم ٢١٤
والخراج غلبة العبد والأمة، وقال الزجاج : الخراج : الفيء، والخرج : الضريبة والجزية، وقال الأصبهاني : شئل أبو عمرو بن العلاء فقال : الخراج ما لزمك ووجب عليك أداؤه، والخرج ما تبرعت به من غير وجوب.
ولما كان الإنكار معناه النفي، حسن موقع فاء السبب في قوله :( فخراج ) أي أم تسألهم ذلك ليكون سؤالك سبباً لاتهامك وعدم سؤالك، بسبب أن خراج ) ربك ( الذي لم تقصد غيره قط ولم تخل عن بابه وقتاً ما ) خير ( من خراجهم، لأن خراجه غير مقطوع ولا ممنوع عن أحد من عباده المسيئين فكيف بالمحسنين وكأنه سماه خراجاً إشارة إلى أنه أوجب رزق كل أحد على نفسه بوعد لا خلف فيه ) وهو خير الرازقين ( فإنه يعلم ما يصلح كل مرزوق وما يفسده، فيعطيه على حسب ما يعلم منه ولا يحوجه إلى سؤال.
المؤمنون :( ٧٣ - ٧٨ ) وإنك لتدعوهم إلى.....
) وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ وَإِنَّ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِمْ مِّن ضُرٍّ لَّلَجُّواْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُواْ لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ حَتَّى إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَاباً ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ إِذَا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ ( ( )
ولما كانت عظمة الملك مقتضية لتقبل ما أتى به والتشرف به على أيّ حال كان، نبه على أنه حق يكسب قبوله الشرف لو لم يكن من عند الملك فكيف إذا كان من عنده، فكيف إذا كان ملك الملوك ومالك الملك فكيف غذا كان الآتي به خالصة العباد وأشرف الخلق، كما قام عليه الدليل بنفي هذه المطاعن كلها، فقال عاطفاً على ) آتيناهم ( :( وإنك ) أي مع انتفاء هذه المطاعن كلها ) لتدعوهم ) أي بهذا الذكر مع ما قدمنا من الوجوه الداعية إلى اتباعك بانتفاء جميع المطاعن عنك وعما جئت به ) إلى صراط مستقيم ( لا عوج فيه ولا طعن أصلاً كما تشهد به العقول الصحيحة، فمن سلكه أوصله إلى الغرض فجاز كل شرف، والحال أنهم، ولكنه عبر بالوصف الحامل لهم على العمى فقال :( وإن الذين لا يؤمنون بالآخرة ( فلذلك لا يخشون القصاص فيها ) على الصراط ) أي الذي لا صراط غيره لأنه لا موصل إلى القصد غيره ) لناكبون ) أي عادلون منتحون مائلون منحرفون في سائر أحوالهم سائرون على غير منهج اصلاً، بل خبط عشواء لأنه يجوز أن يراد مطلق الصراط وأن يراد النكرة الموصوفة بالاستقامة.
ولما وصفوا بالميل، وكان ربما قال قائل : إن جؤارهم المذكور آنفاً سلوك في الصراط، بين أنه لا اعتداد به لعروضه فقال :( ولو رحمناهم ( اي عاملناهم معاملة


الصفحة التالية
Icon