صفحة رقم ٢١٩
) قل ( منكراً عليهم تسبيب ذلك لهم ادعاء أنه سحر، أو صرف عن الحق كما يصرف المسحور ) فأنى تسحرون ) أي فكيف بعد إقراركم بهذا كله تدعون أن الوعيد بالبعث سحر في قولكم : أفتأتون السحر وأنتم تبصرون، ومن اين صار لكم هذا الإعتقاد وقد أقررتم بما يلزم منه شمول العلم وتمام القدرة ؟ ومن أين تتخيلون الحق باطلاً، أز كيف تفعلون فعل المسحور بما تأتون به من التخطيط في الأقوال والأفعال، وتخدعون وتصرفون عن كل م ادعا إليه ؟ ولماكان الإنكار بمعنى النفي، حسن قوله :( بل ( اي ليس الأمر كما يقولون، لم نأتهم بسحر بل، أو يكون المعنى : ليس هو أساطير، بل ) أتيناهم ( فيه على عظمتنا ) بالحق ) أي الكامل الذي لا حق بعده، كما دلت عليه ( ال ) فكل ما أخبر به من التوحيد والبعث وغيرهما فهو حق ) وإنهم لكاذبون ( في قولهم ك إنه سحر لا حقيقة له، وفي كل ما ادعوه من الولد والشريك وغيرهما مما بين القرآن فساده كما لزمهم بما أقروا به في جواب هذه الأسئلة الثلاثة.
ولما كان من أعظم كذبهم ما أشار إليه قوله تعالى
٧٧ ( ) وقالوا اتخذ الحمن ولداً ( ) ٧
[ مريم : ٨٨ ] قال :( ما اتخذ الله ) أي الذي لا كفوء له، وأعرق في النفي بقوله :( من ولد ( لا من الملائكة ولا من غيرهم، لما قام من الأدلة على غناه، وأنه لا مجانس له، ولما لزمهم بإقرارهم أنه يجير ولا يجار عليه، وأن السماوات والأرض ومن فيهما.
ولما كان الولد أخص من مطلق الشريك قال :( وما كان ) أي بوجه من الوجوه ) معه ( فأفاد بعفل الكون نفي الصحة لينتفي الوجود بطريق الأول ) من إله ( وزاد ( من ) لتأكيد النفي ؛ ولما لزمهم الكذب في دعوى الإلهية بولد أو غيره من إقرارهم هذا، أقام عليه دليلاً عقلياً ليتطابق الإلزامي والعقلي فقال :( إذا ) أي إذ لو كان معه إله آخر ) لذهب كل إله بما خلق ( بالتصرف فيه وحده ليتميز ما له لغيره ) ولعلا بعضهم ( اي بعض الآلهة ) على بعض ( إذا تخالفت أوامرهم، فلم يرض أحد منهم أن يضاف ما خلقه إلى غيره، ولا أن يمضي فيه أمر على غير مراده، كما هو مقتضى العادة، فلا يكون المغلوب إلهاً لعجزه، ولا يكون مجيراً غير مجار عليه، بيده حده ملكوت كل شيء، وفي ذلك إشارة غلى أنه لو لم يكن ذلك الاختلاف لأمكن أن يكون، فكان إمكانه كافياً في إبطال الشركة لما يلزم ذلك من إمكان العجز المنافي للإلهية، كما بين في الأنبياء.
ولما طابق الدليل الإلزام على نفي الشريك، نزه نفسه الشريفة بما هو نتيجة ذلك بقوله :( سبحان الله ( اي المتصف بجميع صفات الكمال، المنزه عن كل شائبة نقص