صفحة رقم ٢٣٧
أن لا يعودوا كما بين في البقرة في قوله تعالى
٧٧ ( ) إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا ( ) ٧
[ البقرة : ١٦٠ ] وأشار إلى أن الجلد لا يسقط بالتوبة بقوله مشيراً بإدخال الجار إلى أن قبولها لا يتوقف على استغراقها الزمان الآتي :( من بعد ذلك ( اي المر الذي أوجب رد الشهادة وما تسببت عنه وهو الفسق، وأشار إلى شروط التوبة بقوله :( وأصلحوا ( اي بعد التوبة بمضي مدة يظن بها حسن الحال، وهي سنة يعتبر بها حال التائب بالفصول الأربعة التي تكشف الطباع.
ولما كان استثناؤهم من رد الشهادة والفسق، فكان التقدير : فاقبلوا شهادتهم ولا تصفوهم بالفسق، علله بقوله :( فإن الله ) أي الذي له صفات الكمال ) غفور ) أي ستور لهم ما أقدموا عليه لرجوعهم عنه ) رحيم ) أي يفعل بهم من الإكرام فعل الراحم بالمرحوم في قبول الشهادة.
ولما كان لفظ المحصنات عاماً للزوجات، وكان لهن حكم غير ما تقدم، أخرجهن بقوله :( والذين يرمون ) أي بالزنى ) أزواجهم ) أي المؤمنات الأحرار والإماء والكافرات ) ولم يكن لهم ( بذلك ) شهداء إلا أنفسهم ( وهذا يفهم أن الزوج إذا كان أحد الأربعة كفى، لكن يرد هذا المفهوم كونه حكاية واقعة لا شهود فيها، وقوله في الآية قبلها :( ثم لم يأتوا بأربعة شهداء ( فإنه يقتضي كون الشهداء غير الرامي، ولعله استثناه من الشهداء لأن لعانه يكون بلفظ الشهادة، ومذهب الشافعي رضي الله عنه أنه لا يقبل في ذلك على زوجته - قال ابن الرفعة في الكفاية : لأمرين : أحدهما أن ا لزنى تعرض لمحل حق الزوج، فإن الزاني مستمتع بالمنافع المستحقة له، فشهادته في صفتها تتضمن إثبات جناية الغير على ما هو مستحق له فلم تسمع، كما إذا شهد أنه جنى على عبده، والثاني أن نم شهد بزنى زوجته فنفس شهادته تدل على إظهار العداوة، لأن زناها يوغر صدرهبتلطيخ فراشه وإدخال العار عليه ةعلى ولده، وهو أبلغ في العداوة من مؤلم الضرب وفاخش السب، قال القاضي الحسين : وإلى هذه العلة أشار الشافعي رحمه الله وهي التي حكاها القاضي أبو الطيب في باب حد قاطع الطريق عن الشيخ أبي حامد.
) فشهادة أحدهم ) أي على من رماها ) أربع شهادات ( من خمس في مقابلة أربعة شهداء ) بالله ) أي مقرونة بهذا الاسم الكريم الأعظم الموجب لاستحضار جميع صفات الجلال والجمال ) إنه لمن الصادقين ) أي فيما قذفها به ) والخامسة أن لعنة الله ) أي ا لملك الأعظم ) عليه ( اي هذا القاذف نفسه ) إن كان من الكاذبين ( فيما رماها به، ولأجل قطعة بهذه الأيمان الغليظة بصدقه وحكم الله بخالصه انتفى عنه الولد، فلزم من نفيه الفرقة المؤبدة من غير لفظ لعدم صلاحيتهها أن تكون فراشاً له، لأن


الصفحة التالية
Icon