صفحة رقم ٢٤٨
الزاكي من غير المعصومين قد يزل، فتدركه الزكاة بالتوبة فيرجع كما كان، وقد تكون الثلاثة لموصوف واحد لأن سبب نزولها مسطح رضي الله عنه، فالعطف إذن للتمكن في كل وصف منها.
ولما كان النهي عن ذلك غير صريح في العفو، وكان التقدير : فلؤتوهم، عطف عليه مصرحاً بالمقصود قوله :( وليعفوا ( اي عن زللهم بأن يمحوه ويغطوه بما يسلبونه عليه من أستار الحلم حتى لا يبقى له أثر.
ولما كان المحو لا ينفي التذكر قال :( وليصفحوا ) أي يعرضوا عنه أصلاً ورأساً، فلا يخطروه لهم على بال ليثمر ذلك افحسان، ومنه الصفوح وهو الكريم.
ولما كانت لذة الخطاب تنسي كل عتاب، أقبل سبحانه بفضله ومنّه وطوله على أولي الفضل، مرغباً في أن يفعلوا بغيرهم ما يحبون أن يفعل بهم، مرهباً من أن يشدد عليهم إن شددوا فقال :( ألا تحبون ( اي يا أولي الفضل ) أن يغفر الله ( اي الملك الأعظم ) لكم ( اي ما قصرتم في حقه، وسبب نزولها كما في الصحيح منحديث عائشة رضي الله عنها أن أباها رضي الله تعالى عنه كان حلف ما بعد برأ الله عائشة رضي الله عنها أن لا ينفق على مسطح ابن خالته لكونه خاض من أهل الإفك ؛ وفي تفسير الأصبهاني عن ابن عباس رضي الله عنهما : أقسم ناس من الصحابة فيهم أبو بكر رضي الله عنهم أن لا يتصدقوا على رجل تكلم بشيء من الإفك ولا ينفعوهم فأنزل الله هذه الآية.
وناهيك بشهادة الله جل جلاله للصديق بأنه من أولي الفضل فيا له من شرف ما أجلاه ومن سؤدد وفخار ما أعلاه ولا سيما وقد صدقه رضي الله عنه بالعفو عمن شنع على ثمرة فؤاده ومهجة كبده، وهي أنه لا ينقطع النفقة عنه أبداً، فبا لله من أخلاق ما أبهاها وشمائل ما أطهرها وأزكاها وأشرفها وأسندها.
ولما كان الجواب قطعاً كما أجاب الصديق رضي الله عنه : بلى والله إنا لنحب أن يغفر الله لنا، وكان كأنه قيل : فاغفروا لمن أساء إليكم، فالله حكم عدل، يجازيهم على إساءتهم إليكم إن شاء، والله عليم شكور، يشكر لكم ما صنعتم إليهم، عطف عليه قوله :( والله ( اي مع قدرته الكاملة وعلمه الشامل ) غفور رحيم ( من صفته ذلك، إن شاء يغفر لكم ذنوبكم بأن يمحوها فلا يدع لها أثراً ويرحمكم بعد محوها بالفضل عليكم كما فعلتم معهم، فإن الجزاء من جنس العمل.