صفحة رقم ٢٥٠
سمات النقص، فيندمون عل ما فعلوا في الدنيا مما يقدح في المراقبة وتجري عليه الغفلة ؛ قال ابن كثير : وأمهات المؤمنين أولى بالدخول في هذا من كل محصنة لا سيما التي كانت سبب النزول، وهي عائشة بنت الصديق رضي الله تعالى عنهما، وقد أجمع العلماء قاطبة على أن من سبها بعد هذا ورماها بما رماها به بعد هذا الذي ذكر في هذه الآية، فإنه كافر لأنه معاند للقرآن، وفي بقية أمهات المؤمنين رضي الله عنهن قولان أصحهما أنهن كهي، والله أعلم - انتهى.
وقد علم من هذه الآيات وما سبقها من أول السورة وما لحقها غلى آخرها أن الله تعالى ما غلظ في شيء من المعاصي ما غلظ في قصة الإفك، ولا توعد في شيء ما توعد فيها، وأكد وبشع، ووبخ وقرع، كل ذلك إظهاراً لشرف رسوله ( ﷺ ) وغضباً له وإعظاماً لحرمته وصوناً لحجابه.
النور :( ٢٦ - ٢٨ ) الخبيثات للخبيثين والخبيثون.....
) الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلْطَّيِّبَاتِ أُوْلَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُواْ وَتُسَلِّمُواْ عَلَى أَهْلِهَا ذلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ فَإِن لَّمْ تَجِدُواْ فِيهَآ أَحَداً فَلاَ تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمُ وَإِن قِيلَ لَكُمْ ارْجِعُواْ فَارْجِعُواْ هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ( ( )
ولما تضمن ما ذكر من وصفه تعالى علمه بالخفيات، أتبعه ما هو كالعلة لآية ) الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة ( دليلاًشهودياً على براءة عائشة رضي الله تعالى عنها فقال :( الخبيثات ) أي من النساء وقدم هذا الوصف لأن كلامهم فيه، فإذا انتفى ثبت الطيب ) للخابثين ) أي من الرجال.
ولما كان ذلك لا يفهم أن الخبيث مقصور على الخبيثة قال :( والخبيثون ) أي من الرجال أيضاً ) للخابيثات ) أي من النساء.
ولما أنتج هذا براءتها رضي الله عنما لأنها قرينة أطيب الخلق، أكده بقوله :( والطيبات ( اي منهن ) للطيبين ( اي منهم ) والطيبون للطيبات ( بذلك قضى العليم الخبير أن كل شكل ينضم إلى شكله، ويفعل أفعال مثله، وهو سبحانه قد اختار لهذا النبي الكريم لكونه أشرف خلقه خلص عباده من الأزواج والأولاد والأصحاب ) ) كنتم خير أمة أخرجت للناس ( ) [ آل عمران : ١١٠ ] ( خيركم قرني ) وكلما ازداد الإنسان منهم من قبله ( ﷺ ) قرباً ازداد طهارة، وكفى بهذا البرهان دليلاً على براءة الصديقة رضي الله عنها، فكيف وقد أنزل الله العظيم في براءتها صريح كلامه القديم، وحاطه من أوله وآخره بهاتين الآيتين المشيرتين غلى الدليل العادي، وقد تقدم عند ىية ) الزاني ( ذكر لحديث ( الأرواح جنود مجندة ) وما لاءمه، لكنه لم يستوعب تخريجه، وقد خرجه