صفحة رقم ٢٦٨
الطبراني في الأوسط عن ابن عمر رضي الله عنهما :( كمسكاة ) قال : جوف محمد ( ﷺ )، والزجاجة قلبه، والمصباح النور الذي في قلبه، والشجرة إبراهيم عليه السلام، ) لا شرقية ولا غربية ( : لا يهودي ولا نصراني.
ولما بين تعالى أفعال هؤلاء الرجال التي أقبلوا بها عليه، وأعرضوا عما عداهن بين غايتهم فيها فقال :( ليجزيهم ) أي يفعلون ذلك ليجزيهم ) الله ) أي في دار كرامته بعد البعث بعظمته وجلاله، وكرمه.
وجماله ) أحسن ما عملوا ) أي جزاءه.
ويغفر لهم سيئه ) ويزيدهم من فضله ( على العدل من الجزاء ما لم يستحقوه - كما هي عادة أهل الكرم.
ولما كان التقديرك فإن الله لجلاله، وعظمته وكماله، لا يرضى أن يقتصر في جزاء المحسن على ما يستحقه فقط، عطف عليه بيناً لأن قدرته وعظمته لا حد لها قولَه :( والله ) أي الذي لا كفوء له فلا اعتراض عليه ) يرزق من يشاء (.
ولما كان المعنى : رزقاً يفوق الحد، ويفوت العد، عبر عنه بقوله :( بغير حساب ( فهو كناية عن السعة، ويجوز أن يكون مع ا سعة التوفيق، فيكون بشارة بنفي الحساب في اللآخرة أيضاً أصلاً ورأساً، لأن ذلك المرزوق لم يعمل مل فيه درك عليه فلا يحاسب، أو يحاسب ولا يعاقب ؛ فيكون المراد بنفي ا لحساب نفي عسه وعقابه، ويجوز أن يزاد الرزق كفافاً، وقد ورد أنه لا حساب فيه ؛ روى ابن كثير من عند ابن أبي حاتم بسنده عن أسماء بنت يزيد رضي الله عنها قالت : قال رسول الله ( ﷺ ) :( إذا جمع الله الأولين والآخرين يوم القيامة جاء منادٍ فنادى بصوت يسمع الخلائق : سيعلم أهل الجمع من أولى بالكرم، ليقم الذين لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله، فيقومون وهم قليل، ثم يحاسب سائر الخلائق ) ولما أخبر تعالى أن الذين اتبعوا نور الحق سبحانه، وصلوا - من جزائه بسبب ما هداهم إليه النور من الأعمال الصالحة - إلى حقائق هي في نفس الأمر الحقائق، أخبر عن اضدادهم الذين اتبعوا الباطل فحالت جباله الوعرة ا لشامخة بين أبصار بصائرهم وبين تلك الأنوار بضد حالهم فقال :( والذين كفروا ) أي ستروا بما لزموه من الضلال ما انتشر من نور الله ) أعمالهم ( كائنة في يوم الجزاء ) كسراب ( وهو ما تراه نصف النهار في البراري لاصقاً بالأرض يلمع كأنه ماء، وكلما قربت منه بعد حتى تصل إلى جبل ونحوه فيخفى ؛ قال الرازي في اللوامع : والسراب شعاع ينكشف فينسرب ويجري كالماء تخيلاً ؛ وقال ابن كثير : يرى عن بعد كأنه بحر طام، وإنما يكون ذلك بعد نصف النهار،