صفحة رقم ٢٨٢
وتحقيقاً لما ألزم به من الطاعة، ولزوم السنة والجماعة، فقال واصلاً بما ختم به الأحكام الأولى، من الأمر بإنكام الأيامى، والكف عن إكراه البغايا، إثر الذين لم يظهروا على عورات النساء :( يا أيها الذين آمنوا ) أي من ا لرجال والنساء، إما للتغليب، وإما لأن النساء أولى بحفظ العورة ) ليستأذنكم ( تصديقاً لدعوى الإيمان ) الذين ملكت أيمانكم ( من العبيد والإماء البالغين، ومن قاربهم، للدخول عليكم كراهة الاطلاع على عوراتكم والتطرق بذلك إلى مساءتكم ) والذين ( ظهروا على عورات ا لنساء، ولكنهم ) لم يبلغوا الحلم ( وقيده بقوله :( منكم ( ليخرج الأرقاء والكفار ) ثلاث مرّات ( في كل دور، ويمكن أن يرادك ثلاث استئذانات في كل مرة، فإن لم يحصل الإذن رجع المستأذن كما تقدم : المرة الأولى من الأوقات الثلاث ) من قبل صلاة الفجر ( لأنه وقت اقيام من امضاجع وطرح ثياب النوم ) و ( الثانية ) حين تضعون ثيابكم ) أي التي للخروج بين الناس ) من الظهيرة ( للقائلة ) و ( الثالثة ) من بعد صلاة العشاء ( لأنه وقت الانفصال من ثياب اليقظة، والاتصال بثياب النوم، وخص هذه الأوقات لأنها ساعات الخلوة، ووضع الثياب، وأثبت من في الموضعين دلالة على قرب الزمن من الوقت المذكور لضبطه، وأسقطها في الأوسط دلالة على استغراقه لأنه غير منضبط، ثم علل ذلك بقوله :( ثلاث عورات ) أي اختلالات في التستر والتحفظ، وأصل العورة - كما قال البيضاوي : الخلل.
لأنه لما كانت العورة تبدو فيها سميت بها ) لكم ( لأنها ساعات وضع الثياب والخلوة بالأهل، وبين حكم ما عدا ذلك بقوله مستأنفاً :( ليس عليكم ) أي في ترك الأمر ) ولا عليهم ( يعني العبيد والخدم والصبيان، في ترك الاستئذان في كل وقت كما مضى بقوله :( طوافون عليكم ) أي لعمل ما تحتاجونه في الخدمة كما أنتم طوافون عليهم لعمل ما يصلحهم ويصلحكم في الاستخدام ) بعضكم ( طواف ) على بعض ( لعمل ما يعجز عنه الآخر أو يشق عليه فلو عم الأمر بالاستئذان لأدى إلى الحرج.
ولما أعلى سبحانه البيان في هذه الآيات إلى حد يعجز الإنسان لا سيما وهي في الأحكام، والكالم فيها يعيي أهل البيان، وكان السامع لما جبل عليه منالنسيان، يذهل عن أن هذا هو الشأن، في جميع القرآن، قال مشيراً إلى عظم شأنها، في تفريقها وبيانها :( كذلك ( اي مثل هذا البيان ) يبين الله ( بما له من إحاطة العم والقدرة ) لكم ( أيتها الأمة الخاصة ) الآيات ( في الأحكام وغيرها وبعلمه وحكمته ) والله ( الذي