صفحة رقم ٢٩٠
لأهل الريب إلى الاحتمال طريقاً، فإنه يكفي في الخوف من النكال طروق الاحتمال ؛ وسبب عن علمه قوله :( فليحذر ) أي يوقع الحذر ) الذين يخالفون ( اي يوقعون مخالفته بالذهاب مجاوزين معرضين ) عن أمره ) أي أمر رسول الله ( ﷺ )، إلىخلافه ) أن تصيبهم فتنة ( اس شيء يخالطهم في الدنيا فيحل أمورهم إلى غير الحالة المحبوبة التي كاونوا عليها ) أو يصيبهم عذاب أليم ( في الآخرة، وهذا يدل على أن الأمر للوجوب حتى يصرف عنه صارف، اترتيب العقاب على الإخلال به، لأن التحذير من العقاب إنما يكون بعد قيام المقتضي لنزول العذاب.
ولما أقام سبحانه الأدلة على أنه نور السماوات والأرضبأ، ه لا قيام لشيء إلا به سبحانه، وختم بالتحذير لكل مخالفن أنتج ذلك أن له كل شيء فقال :( ألا إن لله ( اي الذي له جميع المجد جميع ) ما في السماوات ( ولثبوت أنه سبحانه محيط العلم والقدرة، لم يقتض المقام التأكيد بإعادة الموصول فقال :( والأرض ( اي من جوهر وعرض، وهما له أيضاً لأن الأرض في السماء، وكل سماء في التي فوقها حتى ينتهي ذلك إلى العرش الذي صرح في غير ىية أنه صاحبه، وهو سماء أيضاً لعلوه عما دونه، فكل ما فيه له، وذلك أبلغ - لدلالته بطريق المجاز - مما لو صرح به، فدل ذلك - بعد الدلالة على وجوده - على وحدانيته، وكمال علمه وقدرته.
ولما كانت أحوالهم من جملة ما له، كان من المعلوم أنها لم تقم في أصلها ولا بقاء لها إلا بعلمه ولأنها بخلقه، فلذلك قال محققاً مؤكداً مرهباً :( قد يعلم ما أنتم ( أيها الناس كلكم ) عليه ) أي الآن، والمراد بالمضارع هنا وجود الوصف من غير نظر إلى زمان، ولو عبر بالماضي لتوهم الاختصاص به، والكلام في إخال ( قد ) عليه كما مضى آنفاً باعتبار أولي النفوذ في البصر، وأهل الكلال والكدر ) ويوم ( اي ويعلم ما هم عليه يوم ) يرجعون ( اي بقهر قاهر لهم على ذلك، لا يقدرون له على دفاع، ولا نوع امتناع ) إليه ( وكان الأصل : ما أنتم عليه، ولكنه أعرض عنهم تهويلاً للأمر، أو يكون ذلك خاصاً بالمتولين المعرضين إشارة إلى أنهم يناقشون الحساب، ويكون سر الالتفاف التنبيه على الإعراض عن المكذب بالقيامة، والإقبال على المصدق، صوناً لنفيس الكلام، عن الجفاة الأغبياء اللئام ) فينبئهم ) أي فيتسبب عن ذلك أنه يخبرهم تخبيراً عظيماً ) بما عملوا ( فليعدوا لكل شيء منه جواباً ) والله ( اي الذي له الإحاطة الكاملة ) بكل شيء ( من ذلك وغيره ) عليم ( فلذلك أنزل الآيات البينات، وكان نور الأرض والسماوات، فقد رد الختام على المبدأ، والتحم ىلآخر بالأول والاثنا - والله الهادي.
.....


الصفحة التالية
Icon