صفحة رقم ٣١٨
إنجائه من الهلاك بإلقائه في البحر، وإبقائه بمن اجتهد في إعدامه، وجعلنا لكل منهما حظاً من بحره ) هذا ملح أجاج ( هو غطاء جهنم، ) ) وهذا عذب فرات ( ) [ الفرقان : ٥٣ ] عنصره من الجنة، فليحذر هؤلاء الذين تدعوهم من مثل ذلك إن فعلوا مثل فعل أولئك.
الفرقان :( ٣٧ - ٣٩ ) وقوم نوح لما.....
) وَقَوْمَ نُوحٍ لَّمَّا كَذَّبُواْ الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَاباً أَلِيماً وَعَاداً وَثَمُودَاْ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُوناً بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيراً وَكُلاًّ ضَرَبْنَا لَهُ الأَمْثَالَ وَكُلاًّ تَبَّرْنَا تَتْبِيراً ( ( )
ولما هدد المكذبين، بإهلاك الأولين، الذين كانوا أقو منهم وأكثر، وقدم قصة موسى عليه السلام لمناسبة الكتاب في نفسه أولاً ؛ وفي تنجيمه ثانياً، أتبعه أول الأمم، لأنهم أول، ولما في عذابهم من الهول، ولمناسبة ما بينه وبين عذاب القبط، فقال :( وقوم ) أي ودمرنا قوم ) نوح لما كذبوا الرسل ( بتكذيبهم نوحاً ؛ لأن من كذب واحداً من الأنبياء بالفعل فقد كذب الكل بالقوة، لأن المعجزات هي البرهان على صدقهم، وهي متساوية الأقدام في كونها خوارق، لا يقدر على معارضتها، فالتكذيب بشيء منها تكذيب بالجميع لأنه لا فرق، ولأنهم كذبوا من مضى من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فيما سمعوه من أخبارهم، ولأنهم عللوا تكذيبهم بأنه من البشر فلزمهم تكذيب كل رسول من البشر.
ولما كان كأنه قيل : بأيّ شيء دمروا ؟ قال :( أغرقناهم ( كما أغرقنا ىل فرعون بأعظم مما أغرقناهم ) وجعلناهم ) أي قوم نوح في ذلك ) للناس آية ) أي علامة على قدرتنا على ما نريد من إحداث الماء وغيره وإعدامه والتصرف في ذلك بكل ما نشاء، وإنجاء من نريد بما أهلكنا به عدوه ) وأعتدنا ( اي هيأنا تهيئة قريبة جداً وأحضرنا على وجه ضخم شديد تام التقدير ؛ وكان الأصل : لهم، ولكنه أظهر تعميماً وتعليقاً للحكم بالوصف في الأشياء في غير مواضعها ) عذاباً أليماً ( لاسيما في الآخرة.
ولما ذكر آخر الأمم المهلكة بعامة وأولها، وكان إهلاكهما بالماء، ذكر من بينهما ممن أهلك بغيير ذلك، إظهار للقدرة والاختيار، وطوى خبرهم بغير العذاب لأنه كما مضى في سياق الإنذار فقال :( وعاداً ) أي ودمرنا عاداً بالريح ) وثموداً ( بالصيحة ) وأصحاب الرس ) أي البئر التي هي غير مطوية ؛ قال ابن جرير : والرس في كلام العرب كل محفور مثل البئر والقبر ونحو ذلك.
اي دمرناهم بالخسف ) وقروناً بين ذلك ) أي الأمر العظيم المذكور، وهو بين كل أمتين من هذه الأمم ) كثيراً ( وناهيك


الصفحة التالية
Icon