صفحة رقم ٣٥٨
من سلطان المعجزة :( يريد أن يخرجكم من أرضكم ( اي هذه التي هي قوامكم ) بسحره ) أي بسبب ما أتى به منه، فإنه يوجب استباع الناس فيتمكن مما يريد بهم ؛ ثم قال لقومه - الذين كان يزعم أنهم عبيده وأنه إلههم - ما دل على أنه خارت قواه، فحط عن منكبيه كبرياء البوبية، وارتعدت فرائضه حتى جعل نفسه مأموراً بعد أن كان يدعي كونه آمراً بل إلهاً قادراً :( فماذا تأمرون ( اي في مدافعته عمايريد بنا ) قالوا ) أي الملأ الذين كانوا يأتمرون به قبل الهجرة ليقتلوه :( أرجه ( اي أخره ) وأخاه ( ولم يأمروا بقتله ولا بشيء مما يقاربه - فسبحان من يلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده فيهابه كل شيء ولا يهاب هو غير خالقه ) وابعث في المدائن حاشرين ) أي رجالاً يحشرون السحرة، وأصل الحشر الجمع بكرة ) يأتوك ( وكأنهم فهموا شدة قلقه فسكنوه بالتعبير بأداة الإحاطة وصيغة المبالغة فقالوا :( بكل سحار ) أي بليغ السحر ) عليم ) أي متناه في العلم به بعد ما تناهى في التجربة ؛ وعبر بالبناء للمفعول إشارة إلى عظمة ملكه فقال :( فجمع ) أي بأيسر أمر لما له عندهم من العظمة ) السحرة ( كما تقدم غير مرة ) لميقات يوم معلوم ( في زمانه ومكانه، وهو ضحى يوم الزينة كما سلف في طه، وعن عباس رضي الله عنهما أنه وافق يوم السبت في أول يوم من سنتهم، وهو يوم النيروز.
) وقيل ) أي بقول من يقبل لكونه عن فرعون ) للناس ( اي كافة حثاً لهم على الإسراع إلى الاجتماع بأمر فرعون، وامتحاناً لهم هل رجعوا عن دينه، علماً منه بأن ما ظهر ن المعجزة - التي منها عجزة عن نوع أذى لمن واجهة بما لا مطمع في مواجهته بأدناه - لم يدع لبساً في أنه مربوب مقهور، وأن ذلك موجب لا تباع موسى عليه السلام :( هل أنتم مجتمعون ) أي اجتماعاً أنتم راسخون فيه لكونه بالقلوب كما هو بالأبدان، كلكم ليكون أهيب لكم، وزين لهم هذا القائل البقاء على ما كانوا عليه من الباطل بذكر السحرة وإن كان شرط فيه الغلبة، ولم يسمح بذكر جانب موسى عليه السلام فقال :( لعلنا نتبع السحرة ( لأن من امتثل أمر الملك كان حاله حال من يرجى منه اتباع حزبه ) إن كانوا هم ) أي خاصة ) الغالبين ( اي غلبة لا يشك في أنها ناشئة عن مكنة نعرض عن أمر موسى الذي الذي تنازع الملك في أمره، وهذا مرادهم في الحقيقة، وعبر بهذا كناية عنه لأنه أدل على عظمة الملك، وعبر بأداة الشك إظهاراً للإنصاف، واستجلاباً للناس، مع تقديرهم لقطعهم بظفرة السحرة.
لما رسخ في أذهناهم في الزمنة المتطاولة من الضلال الذي لا غفلة لإبليس عن تزيينه مع أن تغيير المألوف أمر في غاية العسر.
وقال :( فلما ( بالفاء إيذاناً بسرعة حشرهم، إشارة إلى ضضخامة ملكه.
ووفور عظمته ) جاء السحرة ( اي الذين كانوا في جميع بلاد مصر


الصفحة التالية
Icon