صفحة رقم ٣٨٠
إلى زيادة التسلية بمفاجأتهم بالتكذيب من غير تأمل ولا توقف بقوله :( إذ ) أي حين ) قال لهم أخوهم ) أي الذي يعرفون صدقه وأمانته، وشفقته وصيانته ) صالح ( وأشار إلى تلطفه بهم بقوله على سبيل العرض ) ألا تتقون ( ثم علل ذلك بقوله :( إني لكم رسول ) أي من الله، فلذلك عرضت عليكم هذا لأني مأمور بذلك، وإلا لم أعرضه عليكم ) أمين ( لا شيء من الخيانة عندي، بل أنصح لكم في إبلاغ جميع ما أرسلت به إليكم من خالقكمن الذي لا أحد أرحم بكم منه.
الشعراء :( ١٤٤ - ١٥٤ ) فاتقوا الله وأطيعون
) فَاتَّقُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُونِ وَمَآ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَآ آمِنِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً فَارِهِينَ فَاتَّقُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُونِ وَلاَ تُطِيعُواْ أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ وَلاَ يُصْلِحُونَ قَالُواْ إِنَّمَآ أَنتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ مَآ أَنتَ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا فَأْتِ بِآيَةٍ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ( ( )
ولما قدم ذكر الرسالة فصار له عذر في المواجهة بالأمر، سبب عنه قوله ) فاتقوا الله ) أي الملك الأعلى الذي ه الغنى المطلق.
ولما ذكر الأمانة قال :( وأطيعون (.
ولما أثبت ما يوجب الإقبال عليه، نفى ما يستلزم عادة الإدبار عنه فقال :( وما ) أي إني لكم كذا والحال أني ما ) أسئلكم عليه ( وأعرق في النفي بقوله :( من أجر ( ثم زاد في تأكيد هذا النفي بقوله :( إن ) أي ما ) أجري ( على أحد ) إلا رب العالمين ( اي المحسن إليهم أجمعين، منه أطلب أن يعطيني كما أعطاهم.
ولما ثبتت الأمانة، وانتفى موجب الخيانة، شرع ينكر عليهم أكل خيره وعبادة غيره، فقال مخوفاً لهم من سطواته، ومرغباً في المزيد من خيراته.
منكراً عليهم إخلادهم إلى شهوة البطن، واسنتادهم إلى الرفاهية والرضى بالفاني :( أتتركون ) أي من ايدي النوائب التي لا يقدر عليها إلا الله ) في ما هاهنا ) أي في بلادكم هذه من النعم حال كونكم ) آمنين ) أي أنتم تبارزون الملك القهار بالعظائم.
ولما كان للتفسير بعد الإجمال شأن.
بين ما أجمل بقوله مذكراً لهم بنعمة الله ليشكروها :( في جنات ( اي بساتين تستر الداخل فيها وتخفيه لكثرة أشجارها ) وعيون ( تسقيها مع ما لها من البهجة وغير ذلك من المنافع ) وزروع ( وأشار إلى عظم النخيل ولا سيما ما كان عندهم بتخصيصها بالذكر بعد دخولها في الجنات بقوله :( ونخل طلعها ) أي ما يطلع منها من الثمر ؛ قال الزمخشري : كنصل السيف في جوفه شماريخ القنو، والقنو اسم للخارج من الجذع كما هو بعرجونه وشماريخه.
) هضيم (