صفحة رقم ٣٨٦
ولما كان من أتى بعد هذه الأمم كقريش ومن تقدمهم قد علموا أخبارهم، وضموا إلى بعض الأخبار نظر الديار، والتوسم في الآثار قال معجباً ن حالهم في ضلالهم :( وما ( اي والحال أنه ما ) كان أكثرهم مؤمنين (.
ولما كان في ذلك إشارة إلى الإنذار بمثل ما حل بهم من الدمار، اتبعه التصيح بالتخويف والإطماع فقال :( وإن ربك لهو ( اي وحده ) العزيز ) أي في بطشه بأعدائه ) الرحيم ( في لطفه بأوليائه، ورفقه بأعدائه بإرسال الرسل، وبيان كل مشكل ؛ ثم وصل بذلك دليلهن فقال مذكراً الفعل لشدة كفرهم بدليل ما يأتي من إثبات الواو في ) وما أنت إلا بشر مثلنا ( :( كذب أصحاب لئيكة ) أي الغيضة ذات الأرض الجيدة التي تبتلع الماء فتنبت الشجر الكثير الملتف ) المرسلين ( لتكذيبهم شعيباً عليه السلام فيما أتى به من المعجزة السماوية في خرق العادة وعجز المتحدّين بها عن مقاومتها - لبقية المعجزات الآتي بها الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ) إذ قال لهم (.
ولما كانوا أهل بدو وكان هو عليه السلام قروياً، قال :( شعيب ( ولم يقل : أخوهم، إشارة إلى أنه لم يرسل نبياً إلا من أهل القرى، تشريفاً لهم لأن البركة والحكمة في الاجتماعن ولذلك نهى النبي ( ﷺ ) عن التعرب بعد الهجرة، وقال :( من يرد الله به خيراً ينقله من البادية إلى الحاضرة ) ) ألا تتقون ( اي تكونون من أهل التقو، وهو مخافة من الله سبحانه وتعالى.
ولما كان كأنه قيل : ما لك ولهذا ؟ قال :( إني ( واشار إلى تبشيرهم إن أطاعوه بقوله :( لكم رسول ) أي من الله، فهو أمرني أن أقول لكم ذلك ) أمين ) أي لا غش عندي ولا خداع ولا خيانه، فلذلك ابلغ جميع ما ارسلت به، ولذلك سبب عنه قوله :( فاتقوا الله ) أي المستحق لجميع العظمة، وهوالمحسن إليكم بهذه الغيضة وغيرها ) وأطيعون ( اي لما ثبت من نصحي.
ولا قدم ما هو المقصودبالذات.
عطف على خبر ) إن ( قوله :( وما أسئلكم عليه من أجر ( نفياً لما ينفر عنه ؛ ثم زاد في البراءة مما يوكس من الطمع في أحد من الخلق فقال :( إن ( اي ما ) أجري إلا على رب العالمين ( اي المحسن غلى الخلائق كلهم، فأنا لا أرجوا أبداً أحداً يحتاج إلى الإحسان إليه، وإنما أعلق أملي بالمحسن الذي