صفحة رقم ٣٩٣
على النسبة إلينا ؛ ثم اتبع ذلك الاسم محلولاً إلى أن والفعل لأنه أخص وأعرف وأوضح من ذكر المصدر، فقال :( أن يعلمه ) أي هذا الذي أتى به نبينا من عندنا ؛ وأنث ابن عامر الفعل ورفع ) آية ( اسماً وأخبر عنها بأن والفعل ) علماء بني إسرائيل ( فيقروا به ولا ينكروه ليؤمنوا به ولا يهجروه، فإن قريشاً كانوا كثيراً ما يرجعون إليهم ويعولون في الأخبار الإلهية عليهم، فإن كثيراً منهم أسلم وذكر تصديق التوارة والإنجيل والزبور وغيرها من أسفار الأنبياء عليهم السلام للقرآن في صفة النبي ( ﷺ )، وفي ذلك ما يؤيد صدقه، ويحقق أمره، وقد عربت الكتب المذكورة بعد ذلك، وأخرج منها علماء الإسلام كثيراً مما أهملوه حجة عليهم، ولا فرق في ذلك بين من أسلم منهم وبين غيرهم، فإنها حين نزول القرآن كان التبديل قد وقع فيها بإخبار الله تعالى، وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن أهل مكة بعثوا إلى اليهود يسألونهم عن محمد ( ﷺ ) فقالوا : هذا زمانه، وإنا لنجد في التوراة صفته، فكان ذلك ملزماً لهم بإخبار الله تعالى، وكذلك كل ما استخرج من الكتب يكون حجة على أهلها.
ولما كان التقدير : لم يروا شيئاً من ذلك آية ولاآمنوا، عطف عليه أو على قوله تعالى أول سورة ) فقد كذبوا ( الآية :( ولو نزلناه ) أي على ما هو عليه من الحكمة والإعجاز بما لنا من العظمة ) على بعض الأعجمين ( الذين لا يعرفون شيئاً من لسان العرب من البهائم أو الآدميين، جمع أعجم، وهو من لا يفصح وفي لسانه عجمة، والأعجمي مثله بزيادة تأكيد ياء النسبة ) فقرأه عليهم ( اي ذلك الذي نزلناه عليه على ما هو عليه من الفصاحة والإعجاز مع علمهم القطعي أنه لا يعرف شيئاً من اللسان ) ما كانوا به مؤمنين ) أي راسخين ولتمحلوا لكفرهم عذراً في تسميته سحراً أو غير ذلك من تعنتهم ) وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهو مشركون ( من فرط عنادهم، وتهيئهم للشر واستعدادهم له، بل لا يسمعونه حق السماع، ولا يعونه حق الوعي، بل سماعاً وفهماً على غير وجهه.
الشعراء :( ٢٠٠ - ٢١٠ ) كذلك سلكناه في.....
) كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّى يَرَوُاْ الْعَذَابَ الأَلِيمَ فَيَأْتِيَهُم بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ فَيَقُولُواْ هَلْ نَحْنُ مُنظَرُونَ أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ أَفَرَأَيْتَ إِن مَّتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ ثُمَّ جَآءَهُم مَّا كَانُواْ يُوعَدُونَ مَآ أَغْنَى عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يُمَتَّعُونَ وَمَآ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ إِلاَّ لَهَا مُنذِرُونَ ذِكْرَى وَمَا كُنَّا ظَالِمِينَ وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ ( ( )
ولما كان ذلك محل عجب، وكان ربما ظن له أن الأمر على غير حقيقته، قرر