صفحة رقم ٤٠٦
والشعر، الناشء كل ذلك عن أحوال الشياطين، وابتدأ هذه بالإشارة إلى أنه من الكلام القديم المسموع المطهر عن وصمة تلحقه من شيء من ذلك، تلاه بوصفه بأنه كما أنه منظوم مجموع لفظاً ومعنى لا فصم فيه ولا خلل، ولا وصم ولا زلل، فهو جامع لأصول الدين ناشر لفروعه، بما اشر إليه الكون من المسلمين فقال :( تلك ( اي الآيات العالية المقام البعيدة المرام، البديعة النظام ) أيات القرآن ) أي الكامل في قرآنيته الجامع للأصولن الناشر للفروع، لاذي لا خلل فيه ولا فصمن ولا صدع لولا صمم ) و ( آيات ) كتاب ) أي وأيّ كتاب مع كونه جامعاً لجميع ما يصلح المعاش والمعاد، قاطع في أحكامه، غالب في أحكامه، في كل مننقضه وإبرامه، وعطفه دون إتباعه للدلالة على أنه كامل في كل من وكتابيته ) مبين ( اي بين في نفسه أ، ه من عند الله كاشف لكل مشطل، موضح لكل ملبس مما كان ومما هو كائن من الأحكام والدلائل في الأصول والفروع، والنكت والإشارات والمعارف، فيا له من جامع فارق واصل فاصل.
ولما كانت العناية في هذه السورة بالنشر - الذي هو من لوازم الجمع في مادة ( قرا ) كما مضى بيانه أول الحجر - أكثر، قدم القرآن، يدل على ذلك انتشاراً أمر موسى عليه الصلاة والسلام في أكثر قصته بتفريقه من أمه، وخروجه من وطنه إلى مدين، وروجوعه مما صار إليه إلى ما كان فيه، والتماسه لأهله الهدى والصلى واضطراب العصى وبث الخوف منها، وآية اليد وجيمع الآيات التسع، واختيار التعبير بالقوم الذي أصل معناه القيام، وإبصار آيات، وانتشار الهدهد، وإخراج الخبأ الذي منه تعليم منطق الطير، وتلكيم الدابة للناس، وانتشار المرأة وقومها وعرشها بعد تردد الرسل بينها وبين سليمان الصلاة والسلام، وكشف الساق، وافتراق ثمود إلى فريقين، مع الاختصام المشتت، وانتثام قوم لوط عليه السلام غلى ما لا يحل، وتفريق الرياح نشراً، وتقسيم الرزق بين السماء والأرض، ومرور الجبال، ونشر الريح لنفخ الصور الناشىء عنه فزع الخلائق المبعثر للقبور، إلى غير ذلك مما إذا تدبرت السورة انفتح لك بابه، وانكشف عنه حجابه، وهذا بخلاف ما في الحجر على ما مضى.
وقال الإمام أبو جعفر بن الزبير : لما أوضح في سورة الشعراء عظيم رحمته بالكتاب، وبيان ما تضمنه مما فضح به الأعداء، ورحم به الولياء، وبراءته من أن تتسور الشياطين عليه، وباهر ىياته الداعية من اهتدى بها إليه، فتميز بعظيم ياته كونه فرقاناً قاطعاً، ونوراً ساطعاً، أتبع سبحانه ذلك مدحة وثناء، وذكر من شملته رحمته به تخصيصاً واعتناء، فقال ) تلك آيات القرآن ( اي الحاصل عنها مجموع تلك الأنوار آيات