صفحة رقم ٤٢٤
بتعظيمهم وإجلالهم وتكريمهم، فقال :( ما كنت ) أي كوناً ما ) قاطعة أمراً ) أي فاعلته وفاصلته غير مترددة فيه ) حتى تشهدون ( وقد دل على غزارة عقلها وحسن أدبها، ولذلك جنت ثمرة أمثال ذلك طاعتهم لها في المنشط والمكره، فاستأنف تعالى الإخبار عن جوابهم بقوله :( قالوا ) أي الملأ مائلين إلى الحرب :( نحن أولو قوة ) أي بالمال والرجال ) وأولو باس ) أي عزم في الحرب ) شديد والأمر ( راجع وموكول ) إليك ( اي كل من المسالمة والمصادمة ) فانظري ( بسبب أنه لا نزاع معك ) ماذا تأمرين ) أي به فإنه مسموع.
النمل :( ٣٤ - ٤٠ ) قالت إن الملوك.....
) قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُواْ قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُواْ أَعِزَّةَ أَهْلِهَآ أَذِلَّةً وَكَذلِكَ يَفْعَلُونَ وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ فَلَمَّا جَآءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَآ آتَانِي اللَّهُ خَيْرٌ مِّمَّآ آتَاكُمْ بَلْ أَنتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُم بِجُنُودٍ لاَّ قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِّنْهَآ أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ قَالَ يأَيُّهَا الْمَلأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَن يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ قَالَ عِفْرِيتٌ مِّن الْجِنِّ أَنَاْ آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَاْ آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرّاً عِندَهُ قَالَ هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ ( ( )
ولما علمت أن من سخر له الطير على هذا الوجه لا يعجزه شيء يريده، ولا أحد بكيده، مالت إلى المسالمة، فاستأنف سبحانه وتعالى الإخبار عنها بقوله :( قالت ( جوباً لم اأحست في جوابهم من ميلهم إلى الحرب أن الصواب من غير ارتياب أن نحتال في عدم قصد هذا الملك المطاع ؛ ثم علل هذا أفهمه سياق كلامها بقولها ) إن الملوك ) أي مطلقاً، فكيف بهذا النافذ الأمر، العظيم القدر ) إذا دخلوا قرية ) أي عنوة بالقهر والغلبة ) أفسدوها ) أي بالنهب والتخريب ) وجعلوا اعزة قومها اذلة ) أي بما يرونهم من الباس، ويحلون بهم السطوة.
ثم أكدت هذا المعنى بقولها :( وكذلك ) أي ومثل هذا الفعل العظيم الشأن، الوعر المسلك البعيد السأو ) يفعلون ( دائماً، هو خلق لهم مستمر جميعهم على هذا، فكيف بمن تطيعه الطيور، ذوات الزكور، فيما يريده من الأمر.
ولما بينت ما في المصادمة من الخطر، أتبعته ما عزمت عليه من المسالمة، فقالت :( وإني مرسلة ( وأشار سبحانه إلى عظيم ما ترسل له بالجمع في قولها :( إليهم ( اي إليه وإلى جنوده ) بهدية ) أي تقع منهم موقعاً.
قال البغوي : وهي العطية


الصفحة التالية
Icon